واعترضه بعض شيوخنا بأن كلامه إنما يتناول التطهير، والطهارة غير التطهير لثبوتها دونه فيما لم يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة. وأما الطهارة فهي صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أول فالأولان من خبث والأخير من حدث والطهورية توجب له كونه الموصوف بحيث يصير المزال به نجاسته طاهرا قال: فهي ثلاثة حقائق.
(إلا ما غيرت لونه الأرض التي هو بها من سبخة أو حماة ونحوهما):
إنما جاز الوضوء بماء السبخة والحماة ونحوهما لأن ذلك ملازم للماء فألحق بالمطلق لعدم الانفكاك فلابد من معرفة المطلق. قال ابن الحاجب: المطلق الطهور وهو الباقي على أصل خلقته واعترضه بعض شيوخنا بأنه ينتقض بماء الورد وشبهه ولا يجاب بإطلاق المطلق لأنه المعرف، واختلف المذهب فميا غير لونه ورق حشيش أو شجر غالبا على ثلاثة أقوال: فقيل إنه لا يضر قاله العراقيون وقيل عكسه قاله الأبياني وقيل يكره أخذا من قول السليمانية تعاد الصلاة بوضوئه في الوقت مراعات للخلاف، قلت في هذا الأخذ نظر، لأن المكروه لا تعاد منه الصلاة في الوقت وإنما يحمل هذا القول على أنه لا يجوز ابتداء ولكن تعاد الصلاة في الوقت مراعاة للخلاف، وكذلك اختلف في الماء المغير بحبل السانية على ثلاثة أقوال: فقيل إنه طهور.
قاله ابن زرقون وعكسه قاله ابن الحاج، وقيل بالأول إن كان تغيره غير فاحش قاله ابن رشد. وفي التغير بالملح ثلاثة أقوال: فقيل إنه لا أثر له قاله ابن القصار وعكسه قاله القابسي وقيل الفرق بين المعدني فالأول والمصنوع فالثاني قاله الباجي وزعم البلنسي أنه المشهور والكلام في هذا الفصل متسع جدا ومحله المدونة وابن الحاجب.
(وما غير لونه بشيء طاهر حل فيه فذلك الماء طاهر غير مطهر في وضوء أو طهر أو زوال نجاسة):
ما ذكره في الوضوء والطهر متفق عليه وفي النجاسة هو كذلك عند الأكثر وقيل إنها تزال بكل مائع، قال ابن الحاجب: وقيل كنحو الخل يريد كماء الورد وشبهه لا أنها تزال بالخل لأنه إدام.
قال ابن عبد السلام: وهذا القول هو القياس للاتفاق على عدم اشتراط النية، قلت ما ذكره من الاتفاق نقله ابن القصار بلفظ الإجماع وحكى القرافي عن التلخيص أنها تفتقر إلى نية. قال ابن العربي: ولو جففت الشمس موضع بول لم يطهر على المشهور.