للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: أما النافلة فجائزة وأما الفريضة فلا وهو المشهور فيحصل من هذا أن النفل لا خلاف في جوازه، وأما الفرض ففيه قولان وإلى هذا أشار ابن الحاجب بقوله: والمشهور جواز النفل في الكعبة لا الفرض يريد، والشاذ جواز الفرض كالنفل.

وقال ابن عبد السلام: الشاذ منع النفل كالفرض واعترضه بعض شيوخنا بأن تفسيره يرد بالنقل والفهم، أما النقل فإنه لم يقل بمنع النفل إلا داود، وأما الفهم فأن ابن الحاجب إنما أراد جواز الفرض كالنفل فإن صلى الفريضة في الكعبة فقال في المدونة يعيد في الوقت وحمل على الناسي.

وقال ابن حبيب: يعيد أبدا وقال أشهب: لا إعادة عليه وإن صلى فوق الكعبة فقيل يعيد أبدا وقيل لا إعادة عليه. وقيل إن أقام ساترا فكالصلاة في الجوف تعاد في الوقت وإلا فأبدا، وقيل: إن ترك بين يديه قطعة من سطحها فكالصلاة في الجوف نقله ابن شاس عن المازري عن أشهب وتبعه ابن الحاجب وابن عبد السلام ووهمهم بعض شيوخنا بأن المازري إنما عزاه لأبي حنيفة فقط.

(والحمام حيث لا يوقن منه بطهارة والمزبلة والمجزرة):

ظاهر كلام الشيخ إن أيقن بطهارته أن الصلاة فيه جائزة، وهو كذلك على مشهور المذهب، وقيل إن الصلاة فيه مكروهة نقله اللخمي عن القاضي عبد الوهاب المتقدم، وسمعت بعض من من لقيته من القرويين ممن تولى قضاء الجماعة بتونس يحكي أن الشيخ أبا القاسم بن زيتون لما قدم من الشرق إلى تونس سأله المنتصر أميرها عن الصلاة بالحمام فقال جائزة بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) [البقرة: ١٤٤]

وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" وأجمعت الأمة على ذلك واعترضته بقول القاضي عبد الوهاب المتقدم فلا إجماع مع وجوده فلم يجيبني إلا بما لا يصلح أن يكون جوابا ويمكن أن يقال: إن المكروه من قبيل الجائز بالنسبة إلى صحة الصلاة على أن الذي ذكره في الحديث يمكن أن يكون مخصوصا وفي الترمذي ونهى عن الصلاة في سبعة فذكر منها الحمام والمسلخ، محمول على الطهارة حتى تظهر النجاسة، نص عليه القاضي ابن رشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>