ظاهر كلامه أن الجمع رخصة وصرح به قبل حيث قال: وأرخص في الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر وهو خلاف رواية ابن عبد الحكم الجمع ليلة المطر سنة وخلاف قول ابن قسيط: الجمع ليلة المطر سنة ماضية والأصل الحقيقة وإتيان سحنون به يدل على ارتضائه ووقع لابن القاسم الجمع غير مشروع، وأن من جمع أعاد العشاء أبدا حكاه الباجي وإليه نحا القرافي في استشكاله الجمع بأن رعاية الأوقات واجبة وفائدة الجمع تحصيل فضيلة الجماعة وهي مندوب إليها فكيف يترك الواجب لأجل تحصيل المندوب، قلت ورد بأن الجمع إما سنة كما قدمنا واستشكال السنة لا يجز وإما رخصة وقد علمت أن الرخصة ارتكاب المحظور لأجل اقيام المانع.
وللقراني جواب عن ذلك لم أذكره لطوله وضعفه وتولى خليل بيان ضعفه وهل هذه الرخصة على القول بها راجحة أو مرجوحة في ذلك قولان للخمي وابن رشد، وظاهر كلام الشيخ الأول لقوله وقد فعله الخلفاء والله أعلم.
والصواب أنها مرجوحة إذ ليست بمتفق عليها ألا ترى ما تقدم عن ابن القاسم وقد جرت العادة في أفراد من المساجد بعدم الجمع فيها كجامع الزيتونة عندنا بتونس.
(وجمع المسافر في جد السير رخصة):
ظاهر كلامه أن جد السير شرط وهو كذلك، وقال أصبغ: لا يشترط وقيل: يشترط في حق الرجال دون النساء قاله بعض شيوخ المذهب، وظاهر كلامه أنه لا يشترط فوات أمر وهو كذلك عند ابن حبيب وفي التهذيب اشتراطه ونصه ولا يجمع المسافر إلا أن يجد السير به ويخاف فوات أمر.
وقال أشهب: يشترط فوات أمر مهم فهو أخص من قول التهذيب فهو قول ثالث والرابع لابن الماجشون الفرق بين الرجال والنساء، وظاهر كلام الشيخ أن الجمع جائز دون كراهة وهو كذلك.
وروي عن مالك أنه مكروه مطلقا.
وروي عنه الكراهة للرجال فقط، وهذه الأقوال الثلاثة حكاها عياض في الإكمال ونقل عبدالحق جوازه في البر دون البحر.
(وجمع المريض جاف أن يغلب على عقله تخفيف):
المشهور أن الجمع الإغماء مطلوب ومنعه ابن نافع وعلى الأول فهل تقدم الثانية إلى الأولى أو يصلي كل صلاة لوقتها في ذلك خلاف قال الفاكهاني: لم فرق بين جمع المسافر وجمع المريض فعبر عن الأول بالرخصة وعن الثاني بالتخفيف مع أن معنى الرخصة التخفيف قلت: تفنن في العبارة والله أعلم.