واختلف في حكم صلاة الجماعة على أربعة أقوال: فقيل: سنة قاله الأكثر وقيل: فرض كفاية نقله الأكثر ابن محرز وغيره عن بعض أصحابنا وقيل مندوب إليها مؤكدة الفضل قاله عبد الوهاب في تلقينه ومثله قول ابن العربي في عارضته ويحث عليها وقال ابن رشد: مستحبة للرجل في خاصته فرض في الجماعة سنة في كل مسجد واختلف هل تتفاضل بالكثرة أم لا؟ والمشهور أنها لا تتفاضل خلافا لابن حبيب، وحمل بعض الشيوخ المذهب على قول ابن حبيب وجعل معنى المشهور أن الجماعة سواء بالنسبة إلى عدم الإعادة في جماعة نقله ان عبد السلام ولا أعرفه لغيره، وأقل الجمع اثنان باتفاق.
(والصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول عليه السلام فذا أفضل من الصلاة في سائر المساجد واختلف في مقدار التضعيف بذلك بين مسجد الحرام ومسجد الرسول عليه السلام ولم يختلف أن صلاة في مسجد الرسول أفضل من ألف صلاة فيما سواه وسوى المسجد الحرام بدون الألف وهذا كله في الفرائض وأما النوافل ففي البيوت أفضل):
واختلف في مقدار التضعيف وقد تقدم في باب الأيمان والنذور أن المشهور من المذهب أن المدينة أفضل من مكة وقيل مكة أفضل من المدينة حكاه عياض عن ابن حبيب وابن وهب واختاره بابن عبد السلام ووقف الباجي.
(والتنفل بالركوع لأهل مكة أحب إلينا من الطواف والطواف للغرباء أحب إلينا من الركوع لقلة وجود ذلك لهم):
قال الفاكهاني: تعليله بقلة وجود ذلك للغرباء فيه نظر لأن التنفل بالصلاة أفضل من التنفل بالطواف ولذلك كانت الصلاة لأهل مكة أفضل من الطواف وإذا كان ذلك فينبغي أن لا يفرق بين الغرباء وأهل مكة إذ المحافظة على الأفضل أولى من المحافظة على المفضول لاسيما على القول بمساواة النافلة للفريضة في الفضل.
(ومن الفرائض غض البصر عن المحارم وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج ولا في النظر إلى المتجالة ولا في النظر إلى الشابة لعذر من شهادة عليها):
الأصل في غض البصر قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)[النور: ٣٠]
قال ابن عطية: الأظهر في من أن تكون للتبعيض بخلاف الفروج إذ حفظها عام ويؤيد هذا التأويل ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك وليست الثانية لك" وقال ابن جرير عن عبدالله: