(والهجران الجائز هجران ذي البدعة أو متجاهر بالكبائر):
قال الفاكهاني: يريد بالبدعة المحرمة كأهل الأهواء والخوارج: وفي البدعة المكروهة عندي نظر هل يحل هجران مرتكبها أم لا؟
(ومن مكارم الأخلاق أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك):
قيل هذه الألفاظ الثلاث تفسير لقوله (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)[الأعراف: ١٧٧]
، واختلف العلماء هل ينفع تحليل من الظلامات والتباعات أم لا؟ على ثلاثة أقوال فقال ابن المسيب بعدم التحليل مطلقا وقال غيره بعكسه وفرق مالك بين الظلامات فلا تحل بخلاف الديون ونحوها، قال ابن العربي: إذا مات الذي له التباعات انتقلت إلى ورثته وإذا رد الغاصب ما كان عليه للورثة برئ من التباعات بإجماع وبقي عليه حق المطل.
واختلف إذا لم يعط الغاصب للورثة شيئا ثم اجتمعوا في الآخرة لمن يكون ما عليه هل للورثة أو للميت؟ على قولين قلت: وأفتى شيخنا أبو محمد عبدالله الشيبيي- رحمه الله- بأن ذلك للورثة وعلل بما سبق من أنه لو دفعه إليهم تبرأ ذمته إجماعا وذلك حق للورثة وشق ذلك على العامة بالقيروان لكثرة المطالب التي يؤدونها على الزرع لغلبة الأعراب عليه فجعل الفلاحون يأتون أفواجا ويقولون يا سيدنا بلغنا كذا فيقول نعم فيها خلاف وهذا الذي ظهر لي من الترجيح فرأيت بعضهم يبكي واشتد بكاؤه فجعل الشيخ يقول لهم على طريق المؤانسة على الظالم ما تعبتم بسببه وما غير به قلوبكم إلى غير ذلك.
(وجماع آداب الخير وأزمته تتفرع عن أربعة أحاديث قول النبي علي السلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" وقوله عليه السلام "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وقوله للذي اختصر له في الوصية "لا تغضب" وقوله "المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحبه لنفسه"):
أما الحديث الأول فخرجه مسلم، وأما الحديث الثاني فخرجه الترمذي من كتاب الزهد في حديث الزهري من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الترمذي وهو غريب من هذا الوجه والمشهور عن مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام وحديث "إنما الأعمال بالنيات والحلال بين والحرام بين، ومن وراء ذلك أمور متشابهات وازهد