للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فإن القرويين من الطلبة والمرابطين يتسامحون في حضوره بأنفسهم ويرغبون العامة في ذلك، وأما المتصدرون بالخطط منهم فهم لا يفعلون ذلك متبعين في ذلك أشياخ التونسيين المنكرين ذلك أتم إنكار مصرحين بتحريم من يفعل ذلك.

(ولا قراءة القرآن باللحون كترجيع الغناء وليجل كتاب الله العزيز أن يتلى إلا بسكينة ووقار وما يوقن أن الله يرضى به ويقرب منه مع إحضار الفهم لذلك):

اللحون والألحان جميع لحن بإسكان الحاء قال ابن رشد: فالواجب أن ينزه القرآن عن ذلك، ولا يقرأ إلا على الوجه الذي يخشع به القلب ويزيد في الإيمان وينبغي تفهمه ما عند الله لقوله تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) [الأنفال: ٢]

الآية وقوله تعالى (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها) [محمد: ٢٤]

وقوله (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول) [المائدة: ٣٨]

الآية.

والألحان تكره في الشعر فكيف بالقرآن؟ فمن قصد إلى سماع القرآن بالصوت الحسن فهو حسن، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري ذكرنا رنبا لحسن صوته بالقرآن وتجويده لقراءته، وقد اختلف في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" اختلافا كثيرا وأحسن ما قيل في ذلك أن يكون المعنى فيه: ليس منا من لم يتلذذ بسماع القرآن لرقة قبل وشوقه إلى ما عند ربه كما يتلذذ أهل الغواني بسماع غوانيهم.

(ومن الفرائض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من بسطت يده في الأرض وعلى كل من تصل يده إلى ذلك فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه):

المعروف هنا ما أمر الله سبحانه به والمنكر ما نهى عنه والأصل في ذلك ما قاله أبو موسى واستحسنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم"، وروى جرير بن عبدالله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من قوم يعلم فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله فلا يغيرونه إلا عمهم الله بعقابه" ويشترط في ثلاثة شروط الأول: أن يكون المتولي عالما بما يأمر به، وبما ينهى

<<  <  ج: ص:  >  >>