وقد ذكر عنه عليه السلام في كتاب الجامع من المعونة: الحمام بيت لا ستر فيه لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخله إلا بمئزر ولا امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدخله إلا من علة فإن صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فمعناه على ما جرى عليه عادتهن من دخولهن أياه غير مستترات قال: وأما ما قاله من أن بدن المرأة عورة لا يحل أن يراه رجل ولا امرأة فليس بصحيح إنما هي عور على الرجل فقط، وذكر في الرد عليه ما تقدم من الإجماع وغيره.
وسلك أبو بكر طريق عبد الوهاب فقال: لا سبيل إلى دخولهن لأن جميع المرأة عورة للرجال والنساء ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم "وأفضل صلاة المرأة في بيتها لما فيه من الستر" ولم يؤذن لها في الحج أن تكشف إلا وجهها ويديها فتدخله مع زوجها إذا احتاجت إليه.
قلت: ولا شك أن دخوله اليوم حرام عندنا للنساء لأنهن لا يستترن وكذلك الرجال في الأعم الأغلب إلا المشهور في الدين والفضل وأما غيره فوجود المئزر إنما هو كالعدم قال بعض شيوخنا وذكر شيخنا ابن عبدالسلام في درسه أن من له النظر الشرعي كان أمر الحمامين باتخاذ أزرا للنساء كما هو اليوم، للرجال فصار النساء يتضاربن بالأزر على وجه اللعب فصارت المصلحة زيادة في المفسدة.
وفي أحكام السوق ليحيى بن عمر كتب بعض قضاة عبدالله بن طالب: أن أهل المرسى قد شكوا من حمام عندهم للمنكر الذي فيه فكتب إليه أن يحضر المتقبل للحمام فأمر أن لا يدخلنه إلا بمئزر فإن تعدى النهي فأغلق الحمام وصير المتقبل للسجن قيل ليحيى أيعجبك قال نعم وما ذهب إليه يجري على الأدب بالمال وقد ذكرنا أن ابن سهل حكى في ذلك أربعة أقوال فانظرها فيما سبق عند قول الشيخ ومن مثل بعبده مثلة بينة.
(ولا يتلاصق رجلان ولا امرأتان في لحاف واحد):
يعني سواء كانا قريبين أو أجنبيين وكذلك يفرق بين الصبيان في المضاجع عند بلوغ سنهم سبع سنين عند ابن القاسم وعشرا عند ابن وهب والأصل فيما ذكر الشيخ ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد" وظاهر الحديث جواز اضطجاع الرجلين