آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولا محالة فثلثا لطعامه، وثلثا لشرابه وثلثا لنفسه"، وقال حديث حسن صحيح، وقال إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه: صحبت أكثر رجال الله في جبل لبنان فكانوا يوصوني إذا رجعت إلى أبناء الدنيا فعظهم بأربع قل لهم: من يكثر الأكل لا يجد لذة العبادة ومن ينام كثيرا لم ير في عمره بركة ومن طلب رضى الناس فلا ينظر رضى الرب، ومن يكثر الكلام بالفضول والغيبة فلا يخرج من الدنيا على دين الإسلام.
قال سهل رحمه الله: الخير كله في هذه الخصال الأربعة وبهذا صارة الأبدال أبدالا أخماص البطون والصمت والاعتزال عن الخلق وسهو الليل، قال بعض العراقيين: الجوع رأس مالنا ذكره الغزالي في منهاج العابدين ولا شك أن الشبع من الجوع فقط وقد سأل سحنون وابن سعيد كل شيء يعمل على الشبع إلا ابن آدم فإذا شبع رقد.
(وإذا أكلت مع غيرك أكلت مما يليك ولا تأخذ لقمة حتى تفرغ الأخرى):
قال ابن رشد: هذا إذا كان الطعام صنفا واحدا كالثريد واللحم وشبهه وأما إذا كان أصنافا مختلفة كأنواع الفاكهة في طبق مما يختلف أغراض الآكلين فلا بأس للرجل أن يتناول ما بين يدي غيره، وذلك منصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل الرجل مع أهله وبنيه له أن يتناول مما بين أيديهم إذ لا يلزمه أن يتأدب معهم ويلزمهم أن يتأدبوا معه في الأكل فإن لم يفعلوا أمرهم بذلك كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة، ومن أدب الأكل إذا أكل الرجل مع القوم أن يصغراللقمة ويترسل في الأكل وإن خالف ذلك عادته فيه.
(ولا تتنفس في الإناء عند شربك ولتبن القدح عن فيك ثم تعاوده إن شئت):
هذا لما في النسائي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا شرب أحدكم فليتنفس ثلاث مرات فإنه أهنا وأهدى" وفي مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب فقال له رجل: يا رسول الله لا أروى من نفس واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فبن القدح وتنفس".
(ولا تعب الماء عبا ولتمصه مصا وتلوك طعامك وتنعمه مضغا قبل بلعه):
هو بفتح العين لأمره صلى الله عليه وسلم بالمص وقول الشيخ وتلوك طعامك معلوم وجهة العادة لكونه أنفع في الأدب.