جابر بن مطعم: قال رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يشرب قائما قال الفاكهاني: وفي الصحيح خلاف هذا ورى مسلم عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما قال قتادة: فالأكل أخبث وأخبث وفيه أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يشرب أحدكم قائما فمن نسي فليستقئ" قال عبد الحق في إسناده عمر بن حمزة العمري وهو ضعيف قال الشافعي: وإنما كره الشرب قائما لداء يأخذ في البطن قال بعض متأخري أصحابنا: ولم ير مالك به بأسا إذ لم يصح عنده النهي فبوب في موطئه باب شرب الرجل قائما وأدخل في باب عن عمر أنهم كانوا يشربون قياما.
(ولا ينبغي لمن أكره الكراث أو الثوم والبصل نيئا أن يدخل المسجد):
قال عياض: نيئا ممدود مهموز والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن أكل ثوما أو بصلا نيئا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته" وأتى أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا فسأل فأخبر بما فيها من البقول فقال "قربوها" إلى بعض أصحابه فلما رآه كره أكلها قال "كل فإني أناجي من لا تناجي" وألحق بذلك آكل الفجل يتجشأ به أو غير ذلك مما يستقبح ريحه، ويتأذى به.
وكذلك ذكر أبو عبد الله بن المرابط في شرحه أن حكم من به داء البخر في فيه أو جرح له رائحة حكمه حكم البصل والثوم ومن هذا المعنى خروج الريح في المسجد ونص عليه بعض الشيوخ وبه أفتى بعض من لقيناه من القرويين قائلا: خلافا للبخاري رحمه الله وأما من يغتاب الناس في المسجد فالأدب فيه كاف وبه أفتى شيخنا أبو مهدي رحمه الله وتقدم ما نقله ابن عبد البر في الاستذكار عن أحمد بن عبد الملك الإشبيلي أنه يخرج من المسجد عملا بهذا الحديث وإنما ذكر المسجد لأنه مظنة الاجتماع وإلا فمجامع الصلاة في غير المسجد كمصلى العيدين والجنائز ونحوهما كالمسجد.
قال عياض: ذكر بعض فقهائنا أن الحكم كذلك في مجالس العلم والولائم وحلق الذكر وظاهر كلام الشيخ أن الحكم عاما في سائر المساجد وهو كذلك عند جمهور العلماء وذهب بعضهم إلى أن هذا خاص بمسجد المدينة لأجل ملائكة الوحي وتأذيهم بذلك ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم "فلا يقرب" وحجة الجماعة قوله صلى الله عليه وسلم "فلا يقرب