الأنف إلى داخل الخيشوم ليخلل ما هنالك من الرطوبة ولم يذكر الشيخ الاستنثار إما لأنه تابع في الحكم أو في الفعل بحيث إنه مع الاستنشاق سنة واحدة وهو ظاهر كلام ابن الحاجب وابن عرفة إذ قالا: هذا جذب الماء بأنه ونثره بنفسه.
وعد ابن رشد وعياض وغيرهما الاستنثار سنة مستقلة وعدها اللخمي وجماعة من الاستنشاق فانظر ذلك ثم هو دفع الماء بريح الأنف إلا خارجه ليزيل ما هنالك من الرطوبة والله أعلم. وسيأتي حكم من تركها في جميع الصلاة إن شاء الله وصفتها قريباً وبالله التوفيق.
وقوله:(وباقيه فريضة) يعني وباقي أعضائه لا باقي أفعاله لأن أفعاله قد بقيت منها سنن وفضائل بخلاف أعضائه فإنها أربعة سنة. وأربعة فرض اختصارها أن يقول المفتوح سنة والمغلوق فرض ممسوحاً كان أو مغسولاً. وإنما لم يذكر باقي السنن لأنها توابع فهي معتبرة بالأعضاء الجارية فيها لا بالوضوء من حيث حقيقته إذ يقال مثلاً السنة في مسح الرأس رد اليدين فيه والبداءة بمقدم وفي مسح الأذنين تجديد الماء لهما وفي أفعال الوضوء ترتيبها إلى غير ذلك فتأمله.
تنبيه: ذكر الشيخ هنا غسل اليدين أولاً من سنة الوضوء وسكت عنه في باب جمل من الفرائض إما تنبيهاً على الخلاف في حكمه أو في كونه تعبداً أو لعلة أو لأنه مقدمة لا صلب وقد استشكل مع المشهور الذي هو كون النية إنما تجب عند غسل الوجه فانظر ذلك. وقد اكتفى الشيخ هنا بالفرائض المجمع عليها منها لاختصاصها بالوضوء وكذلك فعل في النوادر فلعله قصد به ما يشاركه في حكمه إذ النية فرض كل فرض يفتقر إلى التمييز عن غيره والماء الطاهر شرط كل طهارة مائية والموالاة شرط كل عبادة يتوقف أولها على آخرها فتأمل ذلك.
(فمن قام إلى وضوء من نوم أو غيره فقد قال بعض العلماء يبدأ فيسمى الله).
يعني بقوله (فمن قام) إن القيام المذكور في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة إنما المراد به القصد لها لا القيام م نوم على ذلك نبه بقوله من نوم أو غيره ونبه صاحب الإرشاد في كتاب المستند شرح المعتمد على أن في الآية دليلاً لوجوب النية في الوضوء من قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة) إذا جعل الوجوب مقروناً بقصد القيام للصلاة