ذكر النووي في حلية الأبرار تثليث هذا الذكر وذكر من رواية النسائي أن من قال إثر وضوئه سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك طبه عليه بطابع العرش لا يفك إلى يوم القيامة وذكر حديث أبي موسى على الوجه الذي قدمناه عند غسل الوجه فانظر ذلك ثم قال أشهد معناه أقر وأعترف ومعنى لا إله إلا الله لا مستحق للكمال ولا متصف به غيره تعالى وقوله وحده تأكيد بعد تأكيد في نفي التعدد وإثبات التوحيد وقيل أراد وحدانية الذات ونفي الشريك في الأفعال والصفات. وذكر محمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية لأنها أشرف النسبة وأبرأ من دعوى النصارى واليهود في نبيهم وكذلك الرسالة والله أعلم.
(وقد استحب بعض العلماء أن يقول بإثر الوضوء اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين).
يعني يقول ذلك بعد الذكر المتقدم لأنه كذا روي إلا أن رواية هذه الزيادة ضعيفة كما ذكره الترمذي وإن كان قد ضعف أصل الحديث فلا يصح تضعيفه لرواية مسلم قاله ابن العربي وغيره والتوابين جمع تواب وهو الكثير التوبة كالمتطهر لكثير التطهير وقد اختلف الناس في المراد به وذلك راجع لدخول كل توبة وتطهر فيهما حسياً كان أو معنوياً والله أعلم.
(ويجب عليه أن يعمل عمل الوضوء احتساباً لله لما أمره به).
يعني يجب عليه ذلك فلا بد من قصد التقرب إلى الله تعالى به دون شائبة لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥] والإخلاص تقرير العبودية بالعبادة وسيأتي في باب جمل من الفرائض إن شاء الله والاحتساب بالشيء الاعتداد به عند الله وهو المراد بقوله (يرجو تقبله وثوابه وتطهيره من الذنوب به) يعني أنه يعمله خالصاً لوجهه تعالى راجياً منه قبوله بفضله وإثابته عليه حسب وعده الصادق على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وتطهيره من الذنوب به من ثوابه إذ قد ورد في صحيح الأخبار أنه يكفر السيئات قال علماؤنا يعني الصغائر قال ابن العربي وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة وإن أضاف إلى غسل كل عضو التوبة من الذنب