للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع به غفرت كبائره بتوبته وصغائره بوضوئه.

وفي قوله لما أمره به أن يجب أن يكون مقصوداً للامتثال وهو معنى النية فكان قصده هنا لذكرها وقيل بل ذكرها في باب الغسل حيث قال وينويه وقيل بل أشار لها بوقله ويجزئ فعله بغير نية وقد تقدم الكلام على بعض أحكامها ويأتي بعضها في الغسل إن شاء الله.

وقوله: (ويشعر نفسه أن ذلك تأهب وتنظف لمناجاة ربه والوقوف بين يديه لأداء فرائضه والخضوع له بالركوع والسجود) يعني أنه مع اعتقاد الإخلاص والتحقق بالرجاء والخوف بشعر نفسه جلال مولاه وعظمته وكبرياءه وأنه يقف بما يفعله بين يديه فيزداد تعظيماً وإجلالاً وحضوراً فيما هو به أو يتوجه له من الطهارة والصلاة وذلك لأن الحضور في الصلاة بقدر الحضور في الوضوء والحضور على قدر التعظيم وعلى قدر المعرفة والله أعلم.

والإشعار الإعلام الخفي والتأهب الاستعداد والتنظف والتنقي من الأدناس والمناجاة المساررة وقد مر معناها في أول باب طهارة الماء وأنها على وجه يليق به تعالى من التتريه وعدم التشبيه والوقوف بين يديه القيام على بساط العبودية مشاهداً التعظيم والإجلال على ظاهر البدن كما هو في حقنا تعالى ربنا وتقدس.

وأداء الفرائض العمل بها كما يجب والمراد هنا الصلوات والخضوع التذلل والخشوع والركوع والسجود معلومان لكن السجود أشرف أفعال الصلاة إذ قال عليه السلام «أقرب ما يكون العبد من ربه في السجود» وقال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩].

وفي الصحيحين «إذا سجد ابن آدم اعتزل الشيطان يبكي» حتى قال بعض الصوفية لا يوجد خاطر شيطاني لهذا الحديث إنما يوجد نفساني أو ما في معناه ومن عرف الخواطر أدرك ذلك وبالله التوفيق.

وقوله (يعمل على يقين بذلك وتحفظ فيه) يعني أنه إذا أشعر نفسه ما ذكر تمكن من قلبه الإجلال والتعظيم فينتج له العمل على مقتضاه من اليقين بما وعد وأمر ويكون ذلك سبب تحفظه فيما هو به من طهارة وما يتبعها والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>