ظاهر قوله (من سافر) أنه لا يشترط انتفاء العصيان على السفر فيما ذكر والمشهور اشتراط كون السفر مباحا فلا يقصر من عصى بسفره كآبق وعاق على المشهور ما لم يتب ولا لاه على الأصح وروى ابن زياد قصر كل مسافر وعليه أكثر أهل الظاهر ولا خلاف في السفر الواجب والمندوب والله أعلم.
(ولا يقصر حتى يجاوز بيوت المصر وتصير خلفه ليس بين يديه ولا بحذائه منها شيء).
هذا إن كان مصرا اتصلت بيوته وبساتين فيها بيوت وإن لم تتصل به واستقلت بنفسها قصر عند مفارقته وإن لم تكن بيوت فالمشهور يقصر عند مفارقته وروى حتى يجاوز ثلاثة أميال حد وجوب إتيان الجمعة وقاله ابن عبد الحكم والقرية التي تصلي فيها الجمعة كالمصر والتي لا تصلي فيها يقصر بمفارقتها ونقل سند فيها اعتبار ثلاثة أميال وأنكر وللعمودي مفارقة بيوت حلته ولغيرهما الانفصال.
فرع:
فلو قصر قبل مجاوزة البيوت على المشهور فهل يعيد في الوقت أو مطلقا أولا إعادة عليه انظر ذلك فإني لم أقف عليه.
(ثم لا يزال يقصر حتى يرجع إليها أو يقاربها بأقل من الميل).
يعني حتى يرجع لبيوت المصر القاصي مبدأ القصر منتهاه ومثله روى مطرف وابن الماجشون الشيخ وسمع أشهب من قرب بميل أو نحوه أثم.
وفي المدونة لم يحد مالك في القرب حدا وفيها حتى يدخل قرية أو يقاربها وسئل عمن كان على الميل فقال يقصر ولابن الماجشون حتى يدخل إلى أهله وفي المجموعة حتى يدخل منزله ولابن حبيب إذا أتى مسافة وجوب الجمعة حيث تجب والله أعلم.
ابن يونس وكان ابن عمر إذا سافر قصر وهو بين يدي البيوت وإذا رجع قصر حتى يدخل البيوت ورأى علي بن أبي طالب خصا حين خرج من البصرة فقال: لولا هذا الخص لصليت ركعتين.