للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله سبحانه).

(ينبغي) معناه يصلح ولا ينبغي لا يصلح فهي تجزي في باب الواجب والمندوب وإن كان أكثر استعمالها في الندب والكراهة واستعمالهات هنا يحتمل أن يكون فيما وراء الواجب فيكون موقعها على الفضول وما لا يعني من كل شيء وكأنه أمر بزيادة التحفظ في زمن الصوم لحرمته فيحفظ لسانه من الغيبة وجوبا ومن فضول الكلام ندبا وجوارحه من الانبساط إلى ما لا حاجة به.

فقد قال عليه السلام: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ شاتمه فليقل إني صائم إني صائم» قال علماؤنا يقول ذلك في نفسه لنفسه زجرا لها عن الوقوع في ذلك، وقال أيضاً عليه السلام «الغيبة تفطر الصائم». قال علماؤنا تذهب بثواب صيامه لا أنها تفسده في الحكم بحيث يلزمه فإن ذلك ليس بمقصود بإجماع السلف رضي الله عنهم وظاهر كلام الشيخ أن هذا إنما يؤمر به في شهر رمضان فقط وليس كذلك بل هو في كل صوم للحديث المتقدم وفي الصحيح يقول الله تعالى: «الصوم لي وأنا أجزي به» فأضافه تعالى لنفسه وهذا غاية التعظيم.

قيل: ومعناه الصوم لا يمكن أن يكون لغيره تعالى فلا يدخله رياء وقيل (الصوم لي) يعني من صفتي لأنه تعالى لا يطعم والصائم كذلك وهو متخلق بأخلاق الربوبية والصوم صبر وقد قال تعالى {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: ١٠] ويكفي فيه قوله عليه السلام: «من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» وفي رواية «وما تأخر».

ومن وجوه تعظيم هذا الشهر المبارك أن الله سبحانه أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر قيامها وصيامها فيجب على كل ذي إيمان ويقين ويتعين على كل من له تلبس بأعمال المتقين

<<  <  ج: ص:  >  >>