الجوامع حقيقة لم يتكلم فيها محمد صلى الله عليه وسلم فنمسك عنها.
(وإن المؤمنين يفتنون في قبورهم ويسالون ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة).
فتنة القبر بالسؤال عن الإيمان والتوحيد ونعيمه وعذابه للمستحق ثابت في الأحاديث الصحيحة فلا وجه لإنكاره خلافاً المتأخري المعتزلة ويسأل الصبيان كغيرهم وفي الترمذي «فتانا القبر منكر ونكير» زاد في حيلة أبي نعيم وناكور وحكى الغزالي أن لأهل الطاعة مبشراً وبشيراً ومنكراً ونكير للعصاة وقال أبو عمر فتنة القبر للمؤمن وعذابه للكافر والمنافق قال ودلت الأحاديث الصحيحة أن الكافر لا يسال في قبره وفي البخاري وغيره من أحاديث أسماء رضي الله عنها.
وأما المنافق والمرتاب فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته وهذا يدل أن المسئول من وسم بالإسلام وإن كان كافراً فكلامه إذا إنما هو في الكافر المبرز بكفره والله أعلم، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيسأل الشهيد؟ فقال:«كفى ببارقة السيوف شا» أي شاهداً ولكنه أتى به على الترخيم رواه مسلم.
قال علماؤنا ولا سؤال إلا بعد حياة فقال إمام الحرمين المرضى عندنا أن السؤال يقع على أجزاء من القلب أو غيره يحييها الله تعالى، وقال الحليمي يحيا بجملته وهو مقتضى ما جاء في حديث البراء بن عازب من إعادة الروح إلى الجسد وكل جائز والله أعلم وكل ميت محله قبره فيسأل فيه. وقال الفهري على وقوع السؤال للصبيان لا بد من تكميل قلوبهم.
وقوله (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) يعني بالشهادة عند الموت وفي الآخرة عند السؤال من الملكين لأن القبر أول منزلة من منازل الآخرة والسؤال من الله عند المواجهة رزقنا الله ذلك في كل موقف بمنه وكرمه.
(وأن على العباد حفظة يكتبون أعمالهم ولا يسقط شيء من ذلك علم ربهم).