للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأمر أن تعفى اللحية وتوفر لا تنقص قال مالك ولا باس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا وقاله غير واحد من الصحابة والتابعين).

فاعل أمر هو الني لحديث: أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى" أي أتركوها موفورة وذكر النواوي في همزة " أعفوا" وإسقاطها قولي ومعنى توفر: تترك على حالها دون نقص لأنه وجه الإنسان وزينته ويمنع حلقها وحلق الشيب منها ونتفه وتبقيته ووصل شعرها البلالي ويحرم عقدها وضفرها يعني للمثلة في ذلك ويستحب تسريحها لأنها جمال وقيل لا يكره ولا يستحب وقال مالك ولا بأس بالأخذ من طولها.

قال الباجي: يأخذ منها ما زاد على القبضة والزناتي وعن مالك أنه كره حلق ما تحت الذقن من الشعر وقال هو من فعل المجوس وكره أيضا حلق الحاجب والقفا وقال لا أراه حراما ولم أقف على شيء بدائر اللحية وما يحصرها مما يلي الوجه لكنه من الجمال ويعارضه الأمر بالإعفاء فانظره.

(ويكره صباغ الشعر بالسواء من غير تحريم ولا بأس به بالحناء والكتم).

ظاهر كلامه كراهة تسويد اللحية مطلقا وفصل بعضهم فقال إن كان للتغرير منع وإن كان للجهاد ندب وإن كان للتشابب كره وإن كان مطلقا فالقولان بالجواز والكراهة فالجواز من قوله عليه السلام: " غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود" رواه النسائي وأما الكراهة فقوله عليه السلام حين رأى أبا قحافة كأنه ثغامة من الشيب: " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" رواه مسلم.

وظاهر كلام الشيخ أن الصبغ بالحناء والكتم مباح فقط وفيه قولان بذلك وبالاستحباب لأنه من شعار الصالحين وقد صبغ الخلافاء كلهم إلا علي كرم الله وجهه وقيل حتى علي لأنه رئيت لحيته حمراء مرة قالوا فيشبه أن يكون خضب ثم ترك ذكر ذلك في صفوة الصفوة لابن الجوزي فانظره فإنه كتاب حسن ولا حديث على من بخر لحيته بالكبريث لتبيض وغسلها بالصابون والليمون ونحوه للمشايخ وكذلك من بخر بتبن الشعير لذلك وليصفر لونه فيعد من الصالحين وقد ذكر ذلك الغزالي وغيره مقبحا له فانظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>