وهذا هو معنى الإسلام، ولذلك كان دين الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، أي الاستسلام والخضوع والانقياد لهذا الدين العظيم، والعمل به.
وهذه هي ملة إبراهيم {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[البقرة: ١٣١]
ولذلك أوصى الله الأنبياء من بعده، باتباع ملته {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: ١٢٣]
وحذر من الإعراض عنها، فقال سبحانه {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة: ١٣٠]، فالسفيه من إذا أمره الله - عز وجل - أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يسمع ولم يطع.
وضرب الله لنا مثلاً رائعًا في إبراهيم، إذ أمره بذبح ابنه الوحيد {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}[الصافات: ١٠٢]، ورؤيا الأنبياء وحي، فماكان من هذا الابن الشاب، إلا أن استجاب استجابة لا تقل طاعة وتسليمًا عن طاعة أبيه وتسليمه، إذ قال {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[الصافات: ١٠٢].
ولا أعتقد أن أحدًا ابتُليَ بمثل ما ابتليَ به إبراهيم، والحكمة من ذلك والله أعلم كي يكن المثل الأعلى للناس من بعده وإمامًا لهم.