للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

١٣٠ - تكلَّم شيخنا على قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: ١٠٧]، وعلى قوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وحكى عن بعضهم أنَّ المعنى: تخونوها بارتكاب ما حرم عليكم، قال: (يجعل "الأنفس" مفعول "يختانون" وجعل "الإنسان" قد خانها -أي ظلمها-).

قال: (وهذا فيه نظر، فإنَّ كلَّ ذنبٍ يذنبه الإنسان فقد ظلم فيه نفسه، سواءً فعله سرًّا أو علانيةً، وإذا كان اختيان النفس هو: ظلمها وارتكاب ما حرِّم عليها، [كان كلُّ] مذنبٍ مختانًا لنفسه، وإن جهر بالذنوب، ومعلوم أنَّ هذا اللفظ إنَّما استعمل في خاصٍ من الذنوب، فيما (١) يفعل سرًّا).

قال: (ولفظ "الخيانة" حيث استعمل لا يستعمل إلَّا فيما خفي عن المخون، كالذي يخون أمانته، فيخون من ائتمنه إذا كان لا يشاهده ... -إلى أن قال: - فإذا كان كذلك فالإنسان [كيف] (٢) يخون نفسه وهو لا يكتمها ما يفعله، ولا يفعله سرًّا عنها (٣) كما يخون من لا يشاهده؟ ).

قال: (والأشبه -والله أعلم- أن يكون قوله تعالى: {يخْتَانُونَ


(١) في "الفتاوى": (مما).
(٢) زيادة استدركت من "الفتاوى".
(٣) في "الفتاوى": (وهو لا يكتمها ما يقوله ويفعله سرا عنها).

<<  <   >  >>