كان أبو العتاهية له في كل سنة مائة دينار وألف درهم من عند زبيدة إذ خرجت السكة الحديدة، وكان الرشيد يحمل منها كل سنة، فأخذه القلق. قال: فصرت إلى بابها ومعي تكة وخاتم مليح ورقعة، فو الله إني لببابها إذ خرجت وصيفة، فلوحت لها بالخاتم والتكة، فقالت: يا عماه، أتبيع التكة والخاتم؟. فقلت: لا ولكن هما لمن أوصل هذه الرقعة إلى السيدة. قالت: هاتها. فأخذت الخاتم والتكة، فما كان إلا أن وصلت الرقعة إلى أم جعفر، وفي الرقعة بيتان وهما:
خبروني أن من ضرب السكة ... جدداً بيضاً، وصفراً حسنه
سككاً قد جددت لم أرها ... مثل ما كنت أرى كل سنه
قالت أم جعفر: هذه والله رقعة أبي العتاهية، وقد أغفلناه. يا جارية! ادفعي إليه مائة دينار، وألف درهم.
حدث يموت بن المزرع أن امرأة من العرب كانت أمها فارسية، وكان بنو عمها كثيراً ما يعيرونها بأمها، فلما كثر ذلك عليها أنشأت تقول:
من آل فارس أخوالي أساورة ... هم الملوك وقومي سادة العرب
وجدتي تلبس الديباج ملحفة ... من الفرير ولم تقعد على قتب
ولم تكب على الأبراد تنسجها ... معاذ ربي، ولم تشرب من العلب
فقلن لها أوصيت قومك؟. فقالت: هم والله أشد إيجاعا وما قصدت إلا دفع شرهم.