وصف الجاحظ أحمد بن أبي دؤاد فقال لنا: أحمد بن أبي دؤاد ذو الحلم الفاضل واللسان اللين، والعقل العجيب، والرأي السديد، والصدر الرحيب، والقول الفصل، والجود الغمر، والعشرة الكريمة، والأخلاق المحمودة، والعطايا السنية، والقسمة السوية، وشيخ العرب، وسيد الحضر، وغيث البدو، وقاضي القضاة، ومقوم الولاة، ومن قد طبق الأرض عرفاً، وملأ صدور الرجال والأولياء عزاً، ومن جرد القول بالعدل، وكشف القناع في التوحيد، وأقام لكل حالة سويها، ولكل سوق حقها حتى عرف الحق من كان يجهله، وأقر به من كان ينكره، وأحبه من كان يبغضه، وأنس به من كان يستوحش منه، ودعا إليه من كان ينهي عنه.
وكان ابن أبي دؤاد من الغلاة في الاعتزال. وهو الذي حسنه للمعتصم والواثق وحمل الناس على اتباع رأيه في الاعتزال، وأمر ألا يكون قاض ولا عسس ولا أمير إلا من قال بخلق القرآن. وامتحن العلماء، وضربهم. ومات بعضهم في السجون. وأهلك المسلمين. وله مع أئمة الحديث أقاصيص كأحمد بن حنبل، فانه ضربه وسجنه. والبوطي مات في السجن، ويحيى بن معين أكرهه على مساعدته ظاهرا.
وقال الأسود بن يعفر:
ماذا أؤمل بعد آل محرق ... تركوا منازلهم، وبعد إياد
أهل الخورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ... ماء الفرات يجئ من أطواد