أرضاً تخيرها لطيب مقامها ... كعب بن مامة وابن أم دؤاد
جرت الرياح على محل ديارهم ... فكأنما كانوا على ميعاد
فإذا النعيم وكل ما يلهى به ... يوماً يصير إلى بلى ونفاد
تحل هذه المواضع بالعراق. وهم أول معديين خرجوا من تهامة، فنزلوا بالسواد وغلبوا على ما بين البحرين إلى سنداد، والخورنق حتى غلبتهم العجم، وألصقتهم بالجزيرة، وبالجزيرة يومئذ ملك من ملوك العماليق، فقتلوه، ونزلوها، فمنعوها من الفرس والروم. وعاودتهم القتال، ففرقوا ثلاث فرق، فرقة بأنقرة، وبجزيرة الروم، وفرقة بحمص، وفرقة رجعت إلى ساباط ثم فعل رجلان من إياد يقال لهما الأحمران ما فعلا، وكانا عبثا ببعض جواري شيرين فأخرجهم إلى الجزيرة، فعبثوا فيها، فأخرج إليهم كسرى جيشا كان فيه لقيط الأيادي، فكتب إلى إياد:
سلام في الصحيفة من لقيط ... على من بالجزيرة من إياد
فإن الليث كسرى قد أتاكم ... ولا يشغلكم سوق النقاد
أتاكم منهم سبعون ألفاً ... يزجون الكتائب كالجراد
على حنق أتيتكم فهذا ... أوان هلكتم كهلاك عاد
وكتب إليهم بقصيدته الطويلة التي أولها:
يا دار علبة من محلتها الجرعا ... هاجت لك الشوق والأحزان والوجعا
أرمي بعيني إذ زالت حمولهم ... بطن السلوطح لا ينظرن من تبعا
يا لهف نفسي إذ كانت أموركم ... شتى وأبرم أمر الناس فاجتمعا