يوم الأحد السابع من شهر ذي القعدة ٧/ ١١/ ١٤٢٨ هـ أول الجزء الثاني والعشرين من شرح صحيح الإمام مسلم المسمَّى "البحر المحيط الثجّاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجَّاج" رحمه الله تعالى.
١٤ - (كِتَابُ الاعْتِكَافِ)
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى مناسبة "كتاب الاعتكاف" لكتاب الصوم؛ فإن الاعتكاف الذي نُقل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان في رمضان، كما تبيّن في الأحاديث السابقة، فتنبّه.
قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: عَكَفَ على الشيء عُكُوفًا، وعَكْفًا، من بابي قَعَدَ، وضَرَبَ: لازمه، وواظبه، وقُرئ بهما في السبعة في قوله تعالى:{يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}[الأعراف: ١٣٨]، وعَكَفْتُ الشيءَ أَعْكُفُهُ وأَعْكِفُهُ: حبَسْتُهُ، ومنه الاعتكاف، وهو افتعالٌ؛ لأنه حَبْسُ النفس عن التصرّفات العاديّة، وعَكَفتُهُ عن حاجته؛ منعتُهُ. انتهى (١).
وقال في "المجموع": أصل الاعتكاف في اللغة اللَّبْثُ، والحبس، والملازمة، قال الشافعيّ في "سنن حرملة": الاعتكاف: لزوم المرء شيئًا، وحبس نفسه عليه بِرًّا كان أو إثمًا، قال الله تعالى:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}[الأنبياء: ٥٢]، وقال تعالى:{يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}[الأعراف: ١٣٨]، وقال تعالى في البرّ:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة: ١٨٧]، وسُمِّي الاعتكاف الشرعيّ اعتكافًا؛ لملازمة المسجد، يقال: عَكَفَ يَعْكُفُ، ويَعْكِفُ بضم الكاف، وكسرها، لغتان مشهورتان، عَكْفًا،