قال الجامع عفا الله عنه: بدأتُ بكتابة الجزء التاسع والثلاثين من شرح "صحيح الإمام مسلم" المسمّى "البحر المحيط الثجّاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجّاج -رحمه الله- ليلة الخميس التاسعة والعشرين من شهر ذي القعدة (٢٩/ ١١/ ١٤٣٢ هـ).
هي: خديجة بنت خُويلد بن أسد بن عبد العزى بن قُصيّ القرشيّة الأسديّة، زوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأول من صدَّقت ببعثته مطلقًا، قال الزبير بن بكار: كانت تدعى قبل البعثة: الطاهرة، وأمها: فاطمة بنت زائدة، قرشية من بني عامر بن لؤيّ، وكانت عند أبي هالة بن زرارة بن النباش بن عديّ التميميّ أوّلًا، ثم خَلَف عليها بعدَ أبي هالة: عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم خَلَف عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا قول ابن عبد البرّ، ونَسَبه للأكثر، وعن قتادة عَكْس هذا، إن أول أزواجها عتيق، ثم أبو هالة، ووافقه ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير عنه، وهكذا في كتاب النَّسَب للزبير بن بكار، لكن حكى القول الأخير أيضًا عن بعض الناس، وكان تزويج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة، وقيل: أكثر من ذلك، وكانت موسرةً، وكان سبب رغبتها فيه ما حكاه لها غلامها ميسرة، مما شاهده من علامات النبوة قبل البعثة، ومما سمعته من بَحِيرا الراهب في حقه -صلى الله عليه وسلم- لمّا سافر معه ميسرة، في تجارة خديجة، وولدت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أولاده كلهم، إلا إبراهيم.
وقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- في حديث بدء الوحي ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لتلقّي ما أنزل الله عليه، فقال لها: "لقد خَشِيتُ على نفسي"، فقالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، وذَكَرَتْ خصاله الحميدة، وتوجهت به إلى ورقة، وهو في "الصحيح"، وقد ذكره ابن إسحاق، فقال: وكانت خديجة