ذكرُ البيت والطواف
فَفِي رَبْعِهِمْ للهِ بَيْتٌ مُبَارَكٌ … إِلَيْهِ قُلُوبُ الْخَلْقِ تَهْوِي وَتَهْوَاهُ
يَطُوفُ بِهِ الْجَانِي فَيُغْفَرُ ذَنْبُهُ … وَيَسْقُطُ عَنْهُ جُرْمُهُ وَخَطَايَاهُ
فَكَمْ لَذَّةٍ كَمْ فَرْحَةٍ لِطَوَافِهِ … فَلِلَّهِ مَا أَحْلَى الطَّوَافَ وَأَهْنَاهُ
نَطُوفُ كَأَنَّا فِي الْجِنَانِ نَطُوفُهَا … وَلَا هَمَّ لَا غَمّ فَذَاكَ نَفَيْنَاهُ
فَوَا شَوْقَنَا نَحْوَ الطَّوَافِ وَطِيبهِ … فَذَلِكَ شَوْق لَا يُعَبَّرُ مَعْنَاهُ
فَمَنْ لَمْ يَذُقْهُ لَمْ يَذُقْ قَطُّ لَذًّةً … فَذُقْهُ تَذُقْ يَا صَاحِ مَا قَدْ أُذِقْنَاهُ
فَوَاللهِ مَا نَنْسَى الْحِمَى فَقُلُوبُنَا … هُنَاكَ تَرَكْنَاهَا فَيَا كَيْفَ نَنْسَاهُ
تَرَى رَجْعَةً هَلْ عَوْدَةٌ لِطَوَافِنَا … وَذَاكَ الْحِمَى قَبْلَ الْمَنِيَّةِ نَغْشَاهُ
وَوَاللهِ مَا نَنْسَى زَمَانَ مَسِيرِنَا … إِلَيْهِ وَكُلُّ الرَّكْب قَدْ لَذَّ مَسْرَاهُ
وَقَدْ نُسِيتْ أَوْلَادُنَا وَنسَاؤُنَا … وَأَمْوَالُنَا فَالْقَلْبَ عَنْهُمْ شَغَلْنَاهُ
تَرَاءَتْ لَنَا أَعْلَامُ وَصْلٍ عَلَى اللِّوَى … فَمِنْ أَجْلِهَا فَالْقَلْبَ عَنْهُمْ لَوَيْنَاهُ
جَعَلْنَا إِلَهَ الْعَرْشِ نُصْبَ عُيُونِنَا … وَمَنْ دُونَهُ خَلْفَ الظُّهُورِ نَبَذْنَاهُ
وَسِرْنَا نَشُقُّ الْبِيْدَ لِلْبَلَدِ الَّذِي … بِجُهْدٍ وَشِق لِلنُّفُوسِ بَلَغْنَاهُ
رِجَالًا وَرُكْبَانًا عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ … وَمِنْ كُلِّ ذِي فَجٍّ عَمِيقٍ أَتَيْنَاهُ
نخُوضُ إِلَيْهِ الْبَرَّ وَالْبَحْرَ وَالدُّجَى … وَلَا قَاطِع إِلَّا وَعَنْهُ قَطَعْنَاهُ
وَنَطْوِي الْفَلَا مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ لِلِّقَا … فَتُمْسِي الْفَلَا تَحْكِي سِجِلًّا قَطَعْنَاهُ
وَلَا صَدَّنَا عَنْ قَصْدِنَا فَقْدُ أَهْلِنَا … وَلَا هَجْرُ جَارٍ أَو حَبِيب أَلِفْنَاهُ
وَأَمْوَالُنَا مَبْذُولَةٌ وَنُفُوسُنَا … وَلَمْ نُبْقِ شَيْئًا مِنْهُمَا مَا بَذَلْنَاهُ
عَرَفْنَا الَّذِي نَبْغِي وَنَطْلُبُ فَضْلَهُ … فَهَانَ عَلَيْنَا كُلُّ شَيْءٍ بَذَلْنَاهُ
فَمَنْ عَرَفَ الْمَطْلُوبَ هَانَتْ شَدَائِدُ … عَلَيْهِ وَيَهْوَى كُلَّ مَا فِيهِ يَلْقَاهُ
فَيَا لَوْ تَرَانَا كُنْتَ تَنْظُرُ عُصْبَةً … حَيَارَى سَكَارَى نَحْوَ مَكَّةَ وُلَّاهُ
فَلِلَّهِ كَمْ لَيْلٍ قَطَعْنَاهُ بِالسُّرَى … وَبَرٍّ بِسَيْرِ الْيَعْمَلَاتِ بَرَيْنَاهُ
وَكَمْ مِنْ طَرِيقٍ مُفْزِعٍ فِي مَسِيرِنَا … سَلَكْنَا وَوَادٍ بِالْمَخَاوِفِ جُزْنَاهُ
وَلَوْ قِيلَ إِنَّ النَّارَ دُونَ مَزَارِكُمْ … دُفِعْنَا إِلَيْهَا وَالْعَذُولَ دَفَعْنَاهُ
فَمَوْلَى الْمَوَالِي لِلزِّيَارَةِ قَدْ دَعَا … أَنَقْعُدُ عَنْهَا وَالْمَزُورُ هُوَ اللهُ