للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد]

أنه من خماسيّات المصنّف رحمه اللهُ، وهو مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فبغلانيّ، وقد دخل المدينة، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه سالم بن عبد الله أحد الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وفيه رواية الابن عن أبيه، وفيه ابن عمر -رضي الله عنهما- أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة.

شرح الحديث:

(عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله، عَن أَبِيهِ) عبد الله بنِ عمر -رضي الله عنهما - (أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا) نافية، (كُنَّا نَدْعُو)؛ أي: نُسمّي (زْيدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَّا زْيدَ ابْنَ مُحَمَّدٍ)؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- تبنّاه، وفي رواية القاسم بن معن، عن موسى بن عقبة في هذا الحديث: "ما كنا ندعو زيد بن حارثة الكلبيّ مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا زيد بن محمد"، أخرجه الإسماعيليّ، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها - في قصة سالم مولى أبي حذيفة: "وكان من تبنى رجلًا في الجاهلية دعاه الناس إليه، ووَرِث ميراثه، حتى نزلت هذه الآية" (١).

(حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ) فيه إطلاق القرآن على بعضه؛ لأن الذي نزل في هذه الواقعة هي هذه الآية الكريمة، لا كل القرآن. ({ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ})؛ أي: أعدل ({عِنْدَ اللَّهِ}) قال ابن كثير رحمه اللهُ: هذا أمر ناسخ لِمَا كان في ابتداء الإسلام من جواز ادّعاء الأبناء الأجانب، وهم الأدعياء، فأمر تبارك وتعالى بردّ نَسَبهم إلى آبائهم في الحقيقة، وأن هذا هو العدل، والقسطُ والبرّ. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد تبنى زيدًا، ودعاه ابنه، وكانت العرب تفعل ذلك يتبنى الرجل مولاه، أو غيره، فيكون ابنا له، يوارثه، وينتسب إليه، حتى نزلت الآية، فرجع كل إنسان إلى نَسَبه، إلا من لم يكن له نَسَب معروف، فيضاف إلى مواليه، كما قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥]. انتهى (٣).

وقال أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله: قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} نزلت


(١) "الفتح" ١٠/ ٤٩٢، كتاب "التفسير" رقم (٤٧٨٢).
(٢) "تفسير ابن كثير" ٣/ ٤٦٧.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٩٥ - ١٩٦.