فأوحى الله تعالى إلى نبيّه أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إليّ أَكُفًّا قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن اشتدّ غضبي عليكم، ولن تزدادوا مني إلا بُعْدًا.
وقال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة، وقد سَدَدتَ طرقها بالمعاصي، وأخذ بعض الشعراء هذا المعنى، فقال [من الخفيف]:
نَحْنُ نَدْعُو الإِلَهَ فِي كُلِّ كَرْبٍ … ثُمَّ نَنْسَاهُ عِنْدَ كَشْفِ الْكُرُوب
كَيْفَ نَرْجُو إِجَابَةً لِدُعَاءٍ … قَدْ سَدَدْنَا طَرِيقَهَا بِالذُّنُوبِ (١)
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(٢٠) - (بَابُ بَيَانِ أَنَّ الصَّدَقَةَ وِقَايَة مِنَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٣٤٧] (١٠١٦) - (حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ) الهاشميّ مولاهم، أبو جعفر الكوفيّ، ثقةٌ [١٠] (ت ٢٣٠) (م) تقدم في "الإيمان" ٣٠/ ٢٢٨.
٢ - (زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ) أبو خيثمة الكوفيّ، نزيل الجزيرة، ثقةٌ ثبتٌ، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بآخرة [٧] (ت ٢ أو ٣ أو ١٧٤) (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٦٢.
٣ - (أَبُو إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله السبيعيّ الكوفيّ، ثقةٌ عابدٌ اختلط بآخرة [٣] (ت ١٢٩) تقدم في "المقدمة" (ع) ٣/ ١١.
(١) "جامع العلوم والحكم" ١/ ٢٥٨ - ٢٧٧.