للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شدّة حذرهم من الدنيا، والتقلّل منها، وزهدهم فيها؛ لعلمهم أن كثرتها يُفسد قلوبهم، ويورثهم فقرًا أبديًّا، ومن فتح الله عليه منهم الدنيا تراه يبذلها، وينفقها في وجوه الخير، ولا يدّخر لنفسه، ولا لأهله إلا ما لا بدّ له منه، ولقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهون عند يهوديّ بسبب طعام أخذه لأهله، مع أن الله تعالى فتح عليه خيبر وغيرها من البلدان، ولكنه أنفق ذلك في سبيل الله تعالى، اللهم ارزقنا اتّباع سنّته، وأحينا، وأمتنا، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها أحياءً وأمواتًا، إنك سميعٌ قريب مجيب الدعوات، برحمتك يا أرحم الراحمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٤١) - (بَابُ التَّحْذِيرِ مِنَ الاغْتِرَارِ بِزِينَةِ الذُنْيَا، وَمَا يُبْسَطُ مِنْهَا)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٤٢١] (١٠٥٢) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ، قَالَ: حَدَّثنا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: "لَا وَاللهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: "كَيْفَ قُلْتَ؟! قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، أَوَ خَيْرٌ هُوَ؟ إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا، أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ (١) خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، ثَلَطَتْ، أَوْ بَالَتْ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ، فَعَادَتْ، فَأَكَلَتْ، فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ، يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ").


(١) وفي نسخة: "حتى امتلأت".