للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السفينة في الغنيمة، فعلى هذا فهو ليس خاصًّا بأهل السفينة، فللإمام إذا رأى حاجة فيمن لحق بعد الوقعة، أن يستطيب أنفس الغانمين، ويشركهم معهم، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٤٢) - (بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ -رضي الله عنهم-)

أما سلمان (١) -رضي الله عنه-، فيكنى: أبا عبد الله، وكان ينتسب إلى الإسلام، فيقول: أنا سلمان ابن الإسلام، ويُعَدُّ من موالي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأنَّه أعانه بما كوتب عليه، فكان سبب عتقه، وكان يُعرف بسلمان الخير، وقد نسبه النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أهل بيته، فقال: "سلمان منّا أهل البيت" رواه الترمذيّ (٢)، وأصله فارسيّ من رام هرمز، من قرية يقال لها: جَي (٣). ويقال: بل من أصبهان، وكان أبوه مجوسيًّا من قوم مجوس، فنبّهه الله لِقُبْح ما كان عليه أبوه وقومه، وجعل في قلبه التشوُّف إلى طلب الحقّ، فهرب بنفسه، وفرَّ من أرضه إلى أن وصل إلى الشام، فلم يزل يجول في البلدان، ويختبر الأديان، ويستكشف الأحبار والرُّهبان، إلى أن دُلَّ على راهب الوجود، فوصل إلى المقصود، وذلك بعد مكابدة عظيم المشقات، والصبر على مكاره الحالات، من: الرق، والإذلال، والأسر، والأغلال، كما هو منقول في إسلامه في كتاب السِّير وغيرها.

وروى أبو عثمان النَّهديّ عن سلمان؛ أنه قال: تداوله في ذلك بضعة عشر ربًّا، من ربٍّ إلى ربٍّ حتى أفضى إلى النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وقال غيره: فاشتراه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للعتق من قوم من اليهود بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يَغرس لهم كذا وكذا من النخل، يعمل فيها سلمان حتى تُدرك، فغرس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النخل كلها بيده، فأطعمت النخل من عامها.


(١) تقدّمت ترجمته في هذا الشرح في "الطهارة" ١٧/ ٦١٢، وإنما أعدته هنا لطول العهد به، فتنبّه.
(٢) رواه الترمذيّ (٣٧١٨)، وابن ماجه (١٤٩) وهو حديث ضعيف.
(٣) في حاشية "أسد الغابة" ٢/ ٤١٧: جيّ: اسم مدينة أصبهان القديم.