للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "الفتح": ولم تختلف الرواة عن عبيد الله بن عمر في ذلك، وهو الاقتصار على ذكر أُحُدٍ والخندق. وكذا أخرجه ابن حبّان من طريق مالك، عن نافع، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" عن يزيد بن هارون، عن أبي معشر، عن نافع، عن ابن عمر، فزاد فيه ذِكر بدرٍ، ولفظه: "عُرِضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدرٍ، وأنا ابن ثلاث عشرة، فردّني، وعُرِضتُ عليه يوم أحد. . ." الحديث، قال ابن سعد: قال يزيد بن هارون: ينبغي أن يكون في الخندق ابن ستّ عشرة سنة. انتهى، وهو أقدم من نعرفه استشكل قول ابن عمر هذا، وإنما بناه على قول ابن إسحاق، وأكثر أهل السِّيَر أن الخندق كانت في سنة خمس من الهجرة، وإن اختلفوا في تعيين شهرها، واتّفقوا على أن أُحُدًا كانت في شوّال سنة ثلاث، وإذا كان كذلك جاء ما قال يزيد: إنه يكون حينئذ ابن ستّ عشرة سنة، لكن البخاريّ جنح إلى قول موسى بن عقبة في "المغازي": إن الخندقَ كانت في شوّال سنة أربع، وقد روى يعقوب بن سفيان في "تاريخه"، ومن طريقه البيهقيّ، عن عروة نحو قول موسى بن عقبة. وعن مالك الجزم بذلك، وعلى هذا لا إشكال، لكن اتّفق أهل المغازي على أن المشركين لَمّا توجّهوا في أُحُد نادَوُا المسلمين: موعدُكم العامَ المقبلَ بدرٌ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - خرج إليها من السنة المقبلة في شوّال، فلم يَجِد بها أَحَدًا، وهذه هي التي تُسمّى "بدر الموعد"، ولم يقع بها قتالٌ، فتعيّن ما قال ابن إسحاق: إن الخندق كانت في سنة خمس، فيحتاج حينئذ إلى الجواب عن الإشكال، وقد أجاب عنه البيهقيّ وغيره بأن قول ابن عمر: "عُرضت يوم أُحد، وأنا ابن أربع عشرة"؛ أي: دخلت فيها، وأن قوله: "عُرضتُ يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة"؛ أي: تجاوزتها، فألغى الكسر في الأولى، وجَبَره في الثانية، وهو شائعٌ مسموعٌ في كلامهم، وبه يرتفع الإشكال المذكور، وهو أولى من الترجيح، والله أعلم.

[[تنبيهان]]

(الأول): زعم ابن التين أنه ورد في بعض الروايات أن عَرْض ابن عمر كان ببدر، فلم يُجزه، ثم بأُحد، فأجازه، قال: وفي روايةٍ عُرض يوم أُحد، وهو ابن ثلاث عشرة، فلم يُجزه، وعُرض يوم الخندق، وهو ابن أربع عشرة