أنه من خماسيّات المصنّف - رحمه الله -، وأنه مسلسلٌ بالمكيين، غير شيخيه، فالأول بغلانيّ، والثاني كوفيّ، والصحابيّ، فمدنيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء: ١٢٣]) قال أبو جعفر الطبريّ - رحمه الله - في تفسير هذه الآية بعد أن ذكر أقوالًا في تفسيرها ما نصّه: وأَولى التأويلات التي ذكرناها بتأويل الآية: التأويل الذي ذكرناه عن أُبَيّ بن كعب، وعائشة، وهو أن كلَّ من عَمِل سوءًا صغيرًا أو كبيرًا، من مؤمن أو كافر جوزي به.
وإنما قلنا: ذلك أَولى بتأويل الآية؛ لعموم الآية كلَّ عامل سوء، من غير أن يُخَصّ، أو يُستثنَى منهم أحد، فهي على عمومها؛ إذ لم يكن في الآية دلالة على خصوصها، ولا قامت حجة بذلك من خبر عن الرسول.
فإن قال قائل: وأين ذلك من قول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١]، وكيف يجوز أن يُجازي على ما قد وعد تكفيره؟.
قيل: إنه لم يَعِدْ بقوله: {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ترك المجازاة عليها، وإنما وَعَد التكفير بترك الفضيحة منه لأهلها في معادهم، كما فضح أهل الشرك والنفاق.
فأما إذا جازاهم في الدنيا عليها بالمصائب؛ ليكفّرها عنهم بها؛ ليوافوه، ولا ذنب لهم، يستحقون المجازاة عليه، فإنما وَفّى لهم بما وعدهم بقوله:{نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، وأنجز لهم ما ضَمِن لهم بقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[النساء: ٥٧].
قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم أورد حديث الباب، وأحاديث أخرى (١)، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى وليّ التوفيق.