للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأهل والمال، بل ربما يكونان أعزّ من نفسه، ولهذا لم يذكر النفس أيضًا.

وهل تدخل الأم في لفظ "الوالد"؟، أن أريد به من له الولد فيعم، أو يقال: اكتُفِيَ بذكر أحدهما كما يُكتفي عن أحد الضدين بالآخر، ويكون ما ذُكر على سبيل التمثيل، والمراد الأعزة، كأنه قال: أحب إليه من أعزته، وذكرُ الناس بعد الوالد والولد، من عطف العام على الخاص، وهو كثير، وقدّم الوالد على الولد في رواية؛ لتقدمه بالزمان والإجلال، وقدّم الولد في أخرى؛ لمزيد الشفقة. انتهى (١).

[تنبيه]: رواية شعبة عن قتادة هذه مأمون فيها من تدليس قتادة؛ لأنه كان لا يسمع منه إلا ما سمعه، وقد وقع التصريح به في هذا الحديث في رواية النسائيّ (٥٠١٥) (٢)، والله تعالى أعلبم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(١٩) - (بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنَ خِصَالِ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٧٨] (٤٥) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ - أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ").

هذا الإسناد هو الإسناد الماضي قبله، وهو مسلسلٌ بالبصريين أيضًا، وقد سبق الكلام عليه، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي الله عنه -، وفي رواية النسائيّ: "قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا"،


(١) "الفتح" ١/ ٧٦.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ٧٦.