للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٥٠) - (كِتَاب الذِّكْر، وَالدُّعَاء، وَالتَّوْبَةِ)

أما "الذّكْرُ" بالكسر: فقال المجد -رحمه الله-: هو الحِفْظُ للشيء، كالتَّذْكار، والشيءُ يَجْري على اللسان، والصِّيتُ، كالذُّكْرَةِ بالضم، والثَّناءُ، والشرفُ، والصلاةُ للهِ تعالى، والدُّعاءُ، والكتابُ فيه تفصيلُ الدِّينِ. انتهى (١).

وقال الراغب الأصبهانيّ -رحمه الله -: الذّكر: تارة يقال، ويراد به هيئة للنفس، بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة، وهو كالحفظ، إلا أن الحفظ يقال اعتبارًا بإحرازه، والذِّكر يقال اعتبارًا باستحضاره، وتارةً يقال لحضور الشيء القلب، أو القول، ولذلك قيل: الذّكر ذِكران:

ذِكر بالقلب، وذِكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان: ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له: ذكر، فمن الذكر باللسان قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: ١٠]، وقوله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: ٥٠]، وقوله: {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} [الأنبياء: ٢٤]، وقوله: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} [ص: ٨] أي: القرآن، وقوله تعالى: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)} [ص: ١]، وقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤]؛ أي: شرف لك، ولقومك، وقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: ٤٣] أي: الكتب المتقدمة. وقوله: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا} [الطلاق: ١٠، ١١]، فقد قيل: الذكر ها هنا وَصْف للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا قول ابن عباس، أخرجه عنه ابن مردويه (٢)، كما أن الكلمة وصف لعيسى -عليه السلام - من حيث إنه بُشِّر به في الكتب المتقدمة، فيكون قوله: رَسُو، بدلًا منه، وقيل: {رَسُولًا} منتصب بقوله: {ذِكْرًا} كأنه قال: قد أنزلنا إليكم كتابًا ذكرًا


(١) "القاموس المحيط" ص ٥٠٧.
(٢) راجع: "الدر المنثور" ٨/ ٢٠٩.