للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر مما سبق من الأدلّة أنه لا ينبغي الأكل متّكئًا؛ لمخالفته هدي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأما النهي عنه فلم يثبت، فالأَولى أن يأكل مستوفزًا، مقعيًا؛ اتّباعًا للسُّنَّة، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٣٢١] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُهُ، وَهُوَ مُحْتَفِزٌ، يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلًا ذَرِيعًا، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: أَكْلًا حَثِيثًا).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) تقدّم قبل ثلاثة أبواب.

٢ - (ابْنُ أَبِي عُمَرَ) محمد بن يحيى بن أبي عمر الْعَدنيّ، ثم المكيّ، تقدّم قبل أربعة أبواب.

٣ - (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) تقدّم أيضًا قبل أربعة أبواب.

والباقيان ذُكرا قبله.

[[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد]

أنه من رباعيّات المصنّف؛ كسابقيه، وهو (٤٠٦) من رباعيّات الكتاب.

وقوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بالبناء للمجهول، ولم يُعرَف الآتي به.

وقوله: (فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُهُ)؛ أي: يفرّقه على من يراه أهلًا لذلك، وهذا التمر كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبرّع بتفريقه - صلى الله عليه وسلم -، فلهذا كان يأكل منه، والله أعلم (١).

وقوله: (مُحْتَفِزٌ)؛ أي: مستعجِلٌ مستوفِزٌ، غير متمكِّن في جلوسه؛ كأنه يثور للقيام (٢).

وقوله: (أكلًا ذريعًا، وحَثيثًا) هما بمعنى؛ أي: مستعجلًا؛ لاستيفازه لشغل آخر، فأسرع في الأكل، وكان استعجاله ليقضي حاجته منه، ويَرُدّ الْجَوْعة، ثم يذهب في ذلك الشغل.


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢٢٨.
(٢) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٠٧.