أنه من خماسيّات المصنّف، وأنه مسلسل بالمصريين، سوى شيخه، فمروزيّ، ثم بغداديّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ) بصيغة التصغير (أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) جملة حاليّة من المفعول، وكذا قوله:(يَقُولُ) إما مترادفان، أو متداخلان؛ أي: قائلًا في تفسير قوله تعالى: (" {وَأَعِدُّوا لَهُمْ}) أمر الله تعالى المؤمنين بإعداد آلات الحرب لمقاتلة أعدائهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة، فقال:({مَا اسْتَطَعْتُمْ})؛ أي: مهما أمكنكم، وقوله:({مِنْ قُوَّةٍ}) بيان لـ "ما استطعتم"، ثم فسّر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المراد بالقوّة هنا، فقال:(أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه، (إِنَّ الْقُوَّةَ) بكسر همزة "إنّ" لوقوعها في استفتاح الكلام، (الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ") قال الطيبيّ - رحمه الله -: "ما" موصولة، والعائد محذوف، و"من قُوّة" بيان له، فالمراد هنا: نفس القوّة، وفي هذا البيان والمبيَّن إشارة إلى أن هذه العُدّة لا تستتبّ بدون المعالجة، والإدمان الطويل، وليس شيء من عُدّة الحرب وأداتها أحوج إلى المعالجة والإدمان عليها مثل القوس والرمي بها، ولذلك كرَّر - صلى الله عليه وسلم - تفسير القوّة بالرمي بقوله:"ألا إن القوّة الرمي" ثلاثًا. انتهى (١).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: القُوَّة: التقوِّي بإعداد ما يُحتاج إليه من الدروع، والْمِجَانّ، والسيوف، والرِّماح، وسائر آلات الحرب، والرَّمي، إلا أنه لمّا كان الرَّمي أنكاها في العدوّ، وأنفعها فسَّرها، وخصَّصها بالذِّكر، وأكدها بتكرارها ثلاثًا، ولم يُرِد أنها كلُّ العدّة، بل هي أنفعها، ووجه أنفعيّتها أن النِّكاية بالسِّهام تبلغ العدوّ من الشجاع وغيره، بخلاف السيف والرمح، فإنه لا تحصل النكاية بهما إلا من الشجعان الممارسين للكرِّ والفرِّ، وليس كل أحد كذلك، ثم إنها أقرب مؤنة، وأيسر محاولة وإنكاءً، ألا ترى أنه قد يُرْمَى رأس الكتيبة