قريبًا، فلمّا اشتَهَر التحريم أُبيح لهم الانتباذ في كلّ وعاء، بشرط تَرْك شُرب المسكر، وكأن من ذهب إلى استمرار النهي لَمْ يبلغه الناسخ.
وقال الحازميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: لِمَن نَصَر قول مالك أن يقول: وَرَد النهي عن الظروف كلها، ثم نُسخ منها ظروف الأَدَم، والجرار غير المزفتة، واستمرّ ما عداها على المنع، ثم تَعَقّب ذلك بما ورد من التصريح في حديث بريدة عند مسلم، ولفظه:"نهيتكم عن الأشربة إلَّا في ظروف الأدم، فاشربوا في كلّ وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا".
قال: وطريق الجمع أن يقال: لمّا وقع النهي عامًّا شَكَوا إليه الحاجة، فرخّص لهم في ظروف الأدم، ثم شَكَوا إليه أن كلهم لا يجد ذلك، فرخّص لهم في الظروف كلها. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الحازميّ مِنْ وجه الجمع بين الروايات تحقيق حسن جدًّا، والله تعالى أعلم.
والحديث أخرجه المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - هنا [٦/ ٥١٩٩](٢٠٠٠)، و (البخاري) في "صحيحه"(٥٢٧١)، و (الشافعي) في "مسنده"(١/ ٢٨٢)، و (البيهقي) في "الكبرى"(٨/ ٣١٠)، و (الطحاوي) في "معاني الآثار"(٤/ ٢٢١)، و (الحميدي) في "مسنده"(١/ ٢٦٥)، والله تعالى أعلم.