ملازموه حضرًا وسفرًا، وعندهم من حديثه ما ليس عنده لصغر سنه، وقد بيَّنَّا أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تُوُفِّي وابن عبَّاس لم يحتلم، والذي سمع من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحاديث يسيرة، وأكثر حديثه عن كبار الصحابة -رضي الله عنهم-، وفي سِنِّهِ يوم تُوُفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أقوال، قيل: عشر، وقيل: خمس عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، قال أبو عمر: وهو الذي عليه أهل السِّير والعلم، وهو عندي أصح. انتهى (١).
(وَأمَّا كِتَابُ اللهِ، فَلَا أَعْلَمُهُ) أي: لا أعلم هذا الحكم من كتاب الله عزَّ وجلَّ (وَلَكِنْ حَدَّثَنِي) وفي نسخة: "ولكنّي حدّثني"(أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ) -رضي الله عنهما- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"ألَا" أداة استفتاح، وتنبيه (إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ") قد تقدّم تأويل حديث أسامة هذا، ونزيد هنا ما نُقل عن الإمام الشافعيّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون أسامة قد سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسأل عن الربا في صنفين مختلفين: ذهب بفضّةٍ، وتمر بحنطةٍ، فقال: "إنما الربا في النسيئة"، فحفظه أسامة، فأدَّى قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يؤدّ مسألة السائل، فكان ما أُدّي منه عند من سمعه: "لا ربا إلا في النسيئة". انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الإمام الشافعيّ رحمه الله في تأويل حديث أسامة -رضي الله عنه-: "لا ربا إلا في النسيئة" تأويل حسن جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.