للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من نومي. (قَالَ) ابن سلام: (فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَسَارِكَ، فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ) من الكفرة والمنافقين الفجار. (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَمِينِكَ، فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) من الأنبياء، والشهداء، والصالحين، (وَأَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ، وَلَنْ تَنَالَهُ)؛ أي: لن تموت شهيدًا، وإنما تموت على فراشك، وهذا، وقوله -صلى الله عليه وسلم- الآتي: "ولن تزال متمسّكًا بها حتى تموت"، من أعلام النبوّة، ومن المعجزات الظاهرة، حيث مات عبد الله سلام على فراشه، وهو متمسّك بالإسلام (وَأَمَّا الْعَمُودُ، فَهُوَ عَمُودُ الإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْعُرْوَةُ فَهِيَ عُرْوَةُ الإِسْلَامِ، وَلَنْ تَزَالَ مُتَمَسِّكًا بِهَا) (١)؛ أي: بعروة الإسلام، وفي بعض النُّسخ: "به أي: بالإسلام، (حَتَّى تَمُوتَ" معناه: أنه لا يتخلّل إسلامك انحراف إلى أن تموت، وهذه منقبة عظيمة لعبد الله بن سلام -رضي الله عنه-.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: وإخباره -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن سلام أنه لا ينال الشهادة، وأنه لا يزال على الإسلام حتى يموت، خبران عن غيب، وقعا على نحو ما أخبر؛ فإنَّ عبد الله مات بالمدينة، ملازمًا للأحوال المستقيمة، فكان ذلك من دلائل صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدَّم تخريجه، وبقيّة مسائله قبل حديث، ولله الحمد والمنّة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٣٤) - (بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه-)

هو: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاريّ الخزرجيّ، ثم النجاريّ، شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمه الفريعة -بالفاء، والعين المهملة، مصغرًا- بنت خالد بن حبيش بن لوذان خزرجية أيضًا، أدركت الإسلام، فأسلمت، وبايعت، وقيل:


(١) "المفهم" ٦/ ٤١٥.