للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تظاهرت الآثار، وتواترت الأخبار فيه عن السلف الأخيار الطيبين الأبرار بالاستسلام، والانقياد، والإقرار بأن علم الله سابق، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] (١).

وقال أيضًا: وجملة القول في القدر أنه سرّ الله، لا يدرك بجدال، ولا نظر، ولا تشفي منه خصومة، ولا احتجاج، وحَسْب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يقوم شيء دون إرادته، ولا يكون شيء إلا بمشيئته، له الخلق، والأمر كلّه، لا شريك له، نظام ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠]، وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)}، وحَسْب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يظلم مثقال ذرّة، ولا يكلّف نفسًا إلا وسعها، وهو الرحمن الرحيم، فمن ردّ على الله تعالى خبره في الوجهين، أو في أحدهما، كان عنادًا، وكفرًا.

وقد ظاهرت الآثار في التسليم للقدر، والنهي عن الجدل فيه، والاستسلام له، والإقرار بخيره وشره، والعلم بعدل مُقدِّره، وحِكْمته، وفي نقض عزائم الإنسان برهانٌ فيما قلنا، وتبيان، والله المستعان. انتهى كلام ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، وبحثٌ أنيس، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٥) - (بَابٌ قُدِّرَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَى، وَغَيْرِهِ)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٧٣٠] (٢٦٥٧) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ -وَاللَّفْظُ لإِسْحَاقَ- قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ،


(١) "التمهيد لابن عبد البرّ" ٦/ ١٣.
(٢) "التمهيد لابن عبد البرّ" ٦/ ١٣٩ - ١٤٠.