للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا أصحابنا عن أحمد رواية رابعةً في المسألة، واحتجّوا لها بظاهر حديث جابر -رضي الله عنه-: "الحيوان اثنان بواحد لا يصلح نسيئةً، ولا بأس به يدًا بيد"، ولم يخصّ به الجنس المتّحد، وكما يجوز التفاضل في المكيل المختلف الجنس، دون النَّساء، فكذلك الحيوان وغيره، إذا قيل. إنه ربويّ، وهذه الرواية في غاية الضعف؛ لمخالفتها النصوص، وقياس الحيوان على المكيل فاسد؛ إذ في محلّ الحكم في الأصل أوصاف معتبرة، غير موجودة في الفرع، وهي مؤثّرةٌ في التحريم.

وحديث جابر -رضي الله عنه- لو صحّ، فإنما المراد به مع اتحاد الجنس، دون اختلافه، كما هو مذكورٌ في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-.

فهذه نُكَت في هذه المسألة المعضلة، لا تكاد توجد مجموعةً في كتاب، وبالله تعالى التوفيق. انتهى كلام ابن القيّم رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الأرجح هو المذهب الأول الذي قال به الشافعيّ، وأحمد في رواية، وهو جواز بيع الحيوان بعضه ببعض، متفاضلًا، ونَساءً؛ لصحة الأحاديث بذلك، كما أوضحت ذلك في "شرح النسائيّ"، ولصحة الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-، كما أشار إليه البخاريّ رحمه الله في كلامه المتقدّم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرحع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٤٥) - (بَابُ جَوَازِ الرَّهْنِ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ)

" الرهن" -بفتح أوله وسكون الهاء- في اللغة: الاحتباس، من قولهم: رَهَنَ الشيءُ من باب قعد: إذا دام، وثبت، ومنه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)} الآية [المدثر: ٣٨].

وفي الشرع: جعلُ مال وثيقةً على دَين، ويُطْلَق أيضًا على العين المرهونة؛ تسميةً للمفعول باسم المصدر، وأما الرُّهُن بضمتين، فجمع رَهن،


(١) "تهذيب السنن" ٥/ ٣٠ - ٣١.