للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أطعموا الجائع، وعُودوا المريض، وفُكُّوا العاني". وأخرج أيضًا حديث البراء - رحمه الله - المذكور في الباب.

قال في "الفتح": قوله: "باب وجوب عيادة المريض" كذا جزم بالوجوب على ظاهر الأمر بالعيادة. قال ابن بطّال: يَحْتَمِل أن يكون الأمر على الوجوب بمعنى الكفاية؛ كإطعام الجائع، وفكّ الأسير، ويَحتمل أن يكون للندب، للحثّ على التواصل والألفة، وجزم الداوديّ بالأول، فقال: هي فرض، يَحمله بعض الناس عن بعض.

وقال الجمهور: هي في الأصل ندب، وقد تصل إلى الوجوب في حقّ بعض دون بعض. وعن الطبريّ: تتأكّد في حقّ من تُرجى بركته، وتُسنّ فيمن يراعى حاله، وتباح فيما عدا ذلك.

ونقل النوويّ الإجماع على عدم الوجوب؛ يعني: على الأعيان. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي ما جزم به الإمام البخاريّ - رحمه الله -، من وجوب عيادة المريض، لصريح الأمر في قوله: "وعودوا المريض"، لكنه على الكفاية كما قال الداوديّ، وأما ما ذهب إليه الجمهور من الندب، فيحتاج إلى صارف للأمر عن الوجوب إلى الندب، ولم يذكروا ذلك، وأما ما قاله الطبريّ من التفصيل بين من تُرجى بركته وغيره، فمما لا دليل عليه، وأما ما ادعاه النوويّ من الإجماع، فقد أجاب عنه الحافظ بأنه يقصد عدم الوجوب على الأعيان، فلا يخالف القول الأول، والله تعالى أعلم.

[[تنبيهات]]

(الأول): يستحبّ عيادة الذميّ، قال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب عيادة المشرك"، ثم أخرج بسنده عن أنس - رضي الله عنه - أن غلامًا ليهود، كان يخدُم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فمرض، فأتاه يعوده، فقال: "أسلم" فاسلم. انتهى.

قال ابن بطال - رحمه الله -: إنما تُشرع عيادته إذا رُجِي أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يُطمَع في ذلك، فلا. انتهى.

قال الحافظ - رحمه الله -: والذي يظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى، قال الماورديّ - رحمه الله -: عيادة الذميّ جائزة، والقربة موقوفة على نوع حرمة، تقترن بها، من جِوار، أو قرابة. انتهى.