فَطِيبُوا سُرُورًا وَافْرَحُوا وَتَبَاشَرُوا … وَتيهُوا وَهِيمُوا بَابُنَا قَدْ فَتَحْنَاهُ
وَلَا ذَنْبَ إِلَّا قَدْ غَفَرْنَاهُ عَنْكُمُ … وَمَا كَانَ مِنْ عَيْبٍ عَلَيْكُمْ سَتَرْنَاهُ
فَهَذَا الَّذِي نِلْنَا بِيَوْمِ قُدُومِنَا … وَأَوَّلَ ضِيقٍ لِلصُّدُورِ شَرَحْنَاهُ
[المبيت بمنى، والمسير إلى عرفات]
وَبِتْنَا بِأَقْطَارِ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى … فَيَا طِيبَ لَيْل بِالْمُحَصَّبِ بِتْنَاهُ
وَفي يَوْمِنَا سِرْنَا إِلَى الْجَبَل الَّذِي … مِنَ الْبُعْدِ جِئْنَاهُ لِمَا قَدْ وَجَدْنَاهُ
فَلَا حَجَّ إِلَّا أَنْ نَكُونَ بِأَرْضِهِ … وُقُوفًا وَهَذَا فِي الصَّحِيحِ رَوينَاهُ
إِلَيْهِ ابْتَدَرْنَا قَاصِدِينَ إِلا هَنَا … فَلَوْلَاهُ مَا كُنَّا لِحَجٍّ سَلَكْنَاهُ
وَسِرْنَا إِلَيْهِ قَاصِدِينَ وُقُوفَنَا … عَلَيْهِ وَمِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ أَتَيْنَاهُ
عَلَى عَلَمَيْهِ لِلْوُقُوفِ جَلَالَةٌ … فَلَا زَالَتَا تَحْمَى وَتُحْرَسُ أَرْجَاهُ
وَبَيْنَهُمَا جُزْنَا إِلَيْهِ بِزَحْمَةٍ … فَيَا طِيبَهَا لَيْتَ الزِّحَامَ رَجَعْنَاهُ
وَلَمَّا رَأَيْنَاهُ تَعَالَى عَجِيجُنَا … نُلَبِّي وَبِالتَّهْلِيلِ مِنَّا مَلْأنَاهُ
وَفِيهِ نَزَلْنَا بُكْرَةً بِذُنُوبِنَا … وَمَا كَانَ مِنْ ثِقْلِ الْمَعَاصِي حَمَلْنَاهُ
[الوقوف بعرفة]
وَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ كَانَ وُقُوفُنَا … إِلَى اللَّيْلِ نَبْكِي وَالدُّعَاءَ أَطَلْنَاهُ
فَكَمْ حَامِدٍ كَمْ ذَاكِرٍ وَمُسَبِّح … وَكَمْ مُذْنِب يَشْكُو لِمَوْلَاهُ بَلْوَاهُ
فَكَمْ خَاضِعٍ كَمْ خَاشِعٍ مُتَذَلِّلٍ … وَكَمْ سَائِلٍ مُدَّتْ إِلَى اللهِ كَفَّاهُ
وَسَاوَى عَزِيزٌ فِي الْوُقُوفِ ذَلِيلَنَا … وَكَمْ ثَوْب عِزٍّ فِي الْوُقوفِ لَبِسْنَاهُ
وَرَبٌّ دَعَانَا نَاظِرٌ لِخُضُوعِنَا … خَبِيرٌ عَلِيمٌ بِالَّذِي قَدْ أَرَدْنَاهُ
وَلَمَّا رَأَى تِلْكَ الدُّمُوعَ الَّتِي جَرَتْ … وَطُولَ خُشُوع مَعْ خُضُوعٍ خَضَعْنَاهُ
تَجَلَّى عَلَيْنَا بِالْمَتَابِ وَبِالرِّضَى … وَبَاهَى بنَا الأَمْلَاكَ حِينَ وَقَفْنَاهُ
وَقَالَ انْظُرُوا شُعْثًا وَغُبْرًا جُسُومُهُمْ … أَجِرْنَا أَغِثْنَا يَا إِلَاهًا دَعَوْنَاهُ
وَقَدْ هَجَرُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِيَارَهُمْ … وَأَوْلَادَهُمْ وَالْكُلُّ يَرْفَعُ شَكْوَاهُ
إِلَيَّ فَإِنِّي رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ … لِمَنْ يَشْتَكِي الْمَمْلُوكُ إِلَّا لِمَوْلَاهُ
أَلَا فَاشْهَدُوا أَنِّي غفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ … أَلَا فَانْسَخُوا مَا كَانَ عَنْهُمْ نَسَخْنَاهُ
فَقَدْ بُدِّلَتْ تِلْكَ الْمَسَاوِي مَحَاسِنًا … وَذَلِكَ وَعْدٌ مِنْ لَدُنَّا وَعَدْنَاهُ