للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: في هذه الاحاديث: "وأيما حِلْف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شِدّةً"، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلْف في الإسلام"، فالمراد به حِلْف التوارث، والحلف على ما مَنَعَ الشرعُ منه، والله أعلم. انتهى (١).

٢ - (ومنها): بيان إقرار الشرع ما كان من الحلف في الجاهليّة على التناصر، والتناصح، وإقامة العدل، وغير ذلك مما ندب إليه الشرع.

٣ - (ومنها): بيان كون الشريعة شاملةً كافلةً، سمحةً، تراعي في كل توجيهاتها مصالح العباد، فلا تنهى إلا عمّا لا مصلحة فيه، أو هو ظلم محض، فما جاءت لمحو المصالح التي كانوا عليها في الجاهليّة، فقد كان النكاح، والبيع، والشراء، والطلاق، وغير ذلك من المصالح الكثيرة، فجاءت الشريعة، فأقرّت ذلك كلّه، ونفت منه ما يكون مضرّة للعباد، أو وسيلة إليها، فما أحكمَ هذا الدين، وما أشمله، وأسمحه، وجعله ظاهرًا على الأديان كلّها حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، فاللَّهُمَّ ثبّتنا عليه، وأمِتْنا عليه، وابعثنا عليه، واجعلنا من خيار أهله أحياءً وأمواتًا، آمين، والحمد لله رب العالمين.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٥٢) - (بَابُ بَيَانِ أَنَّ بَقَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَان لأَصْحَابِه، وَبَقَاءَ أَصْحَابِهِ - رضي الله عنهم - أَمَانٌ لِلأُمَّةِ)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٤٤٥] (٢٥٣١) - (حَدَّثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، كُلُّهُمْ عَنْ حُسَيْنٍ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيه، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ، قَالَ: فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "مَا زِلْتُمْ هَا هُنَا؟ "، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ: "أَحْسَنْتُمْ،


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٨١ - ٨٢.