[فائدة]: (اعلم): أن العلماء اختلفوا في المعنى الذي أُخذت منه الجمرة، فقال بعض أهل العلم: الجمرة في اللغة الحصاة، وسُمِّيت الجمرة التي هي موضع الرمي بذلك؛ لأنها المحل الذي يُرمَى فيه بالحصى، وعلى هذا فهو من تسمية الشيء باسم ما يَحُلّ فيه، وهو أسلوب عربيّ معروف، وهو عند البلاغيين من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، والتجمير: رمي الحصى في الجمار، ومنه قول ابن أبي ربيعة [من الطويل]:
وقال بعض أهل العلم: أصل الجمرة من التجمُّر بمعنى التجمع، تقول العرب: تجمَّر القوم إذا اجتمعوا، وانضَمَّ بعضهم إلى بعض، وجَمَّرهم الأمر: أحوجهم إلى التجمُّر، وهو التجمع، وجَمَّر الشيءَ: جمعه، وجَمَّر الأمير الجيشَ: إذا أطال حبسهم مجتمعين بالثَّغْر، ولم يأذن لهم في الرجوع والتفرق، ورَوَى الربيع أن الشافعي أنشده في ذلك قول الشاعر [من الطويل]:
أي مجتمعين، وعلى هذا فاشتقاق الجمرة من التجمُّر، بمعنى التجمع؛ لاجتماع الحجيج عندها يرمونها، وقيل: لأن الحصى يتجمع فيها، وقيل: اشتقاق الجمرة من أجمر: إذا أسرع؛ لأن الناس يأتون مسرعين لرميها، وقيل: أصلها من جمّرته: إذا نحّيته، قال الشيخ الشنقيطيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأظهرها