أن يقلد غيره، ويحكم بقولِ سواه، سواء ظهر له الحق فخالفه غيره فيه، أو لم يظهر له شيء، وسواء ضاق الوقت، أو لم يضق، وكذلك ليس للمفتي الفتيا بالتقليد، وبهذا قال الشافعيّ، وأبو يوسف، ومحمد، وقال أبو حنيفة: إذا كان الحاكم من أهل الاجتهاد جاز له تركُ رأيه لرأي من هو أفقه منه عنده، إذا صار إليه، فهو ضربٌ من الاجتهاد، ولأنه يَعتقد أنَّه أعرف منه بطريق الاجتهاد.
وحجة الأولين أنَّه من أهل الاجتهاد، فلم يجز له تقليد غيره، كما لو كان مثله كالمجتهدين في القِبلة، وما ذَكَره ليس بصحيح، فإن من هو أفقه منه، يجوز عليه الخطأ، فإذا اعتقد أن ما قاله خطأ، لم يجز له أن يعمل به، وإن كان لم يَبِنْ له الحق، فلا يجوز له أن يحكم بما يجوز أن يَبِين له خطؤه إذا اجتهد. قاله ابن قُدامة - رحمه الله - (١)، وهو بحث نفيس جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب.