للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بحق الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تُذلّ أهلها، ومن إقامة الحدّ عليه إن كان فيه حدّ، ومن التعزير إن لم يوجب حدًّا، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين، ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله بعد ذكر اختلاف الراويات كما سبق بيانها ما نصّه: وهذه الروايات، وإن اختلفت ألفاظها، فهي راجعه إلى معنى واحد، قد فسّره في الحديث، وهو أن يعمل الرجل معصية في خفية، وخلوة، ثم يخرج يتحدَّث بها مع الناس، ويجهر بها، ويعلنها، وهذا من أكبر الكبائر، وأفحش الفواحش، وذلك أن هذا لا يصدر إلا من جاهل بقدر المعصية، أو مستهين، مستهزئ بها، مصرّ عليها، غير تائب منها، مظهر للمنكر، والواحد من هذه الأمور كبيرة، فكيف إذا اجتمعت؟! فلذلك كان فاعل هذه الأشياء أشدّ الناس بلاءً في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، لأنَّه تجتمع عليه عقوبة تلك الأمور كلّها، وسائر الناس ممن ليس على مثل حاله، وإن كان مرتكب كبيرة، فأمره أخفّ، وعقوبته إن عوقب أهون، ورجوعه عنها أقرب من الأول، لأنَّ ذلك المجاهر قلّ أن يتوب، أو يرجع عما اعتاده من المعصية، وسَهُل عليه منها، فيكون كل العصاة بالنسبة إليه إمّا معاني مطلقًا إن تاب، وإما معاني بالنسبة إليه إن عوقب، والله تعالى أعلم (٢).

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(١١) - (بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَكَرَاهَةِ التّثَاؤُبِ)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:

[٧٤٥٥] (٢٩٩١) - (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ - وَهُوَ ابْنُ غِيَاثٍ - عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: عَطَسَ


(١) "شرح صحيح البخاريّ" لابن بطال ٩/ ٢٦٣.
(٢) "المفهم" ٦/ ٦١٨.