وقال الفيّوميّ رحمه الله: بَرِحَ الشيءُ يبرح، من باب تَعِبَ بَرَاحًا: زال من مكانه، ومنه قيل لليلة الماضية: البَارِحَةً، والعرب تقول قبل الزوال: فعلنا الليلة كذا؛ لقربها من وقت الكلام، وتقول بعد الزوال: فعلنا البَارِحَةَ. انتهى (١).
(وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ)؛ أي: وقد كان ربه ساترًا له طول ليله، والجملة حال من قال "يقول"، وقوله:(فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ) جملة مستأنفة، ذكرها توطئة لِمَا بعدها، (وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ)؛ أي: ويكون في الصباح كاشفًا ستر الله تعالى عن نفسه بإخباره للناس قبيح عمله مستخفًّا بأمر الله عز وجل.
وقوله:(قَالَ زُهَيْرٌ) يعني ابن حرب شيخه الأول في روايته (وَإِنَّ مِنَ الْهِجَارِ) بتقديم الهاء على الجيم، بدل قول محمد بن حاتم، وعبد بن حميد في روايتهما:"وإن من الإجهار"، وقد تقدّم توجيه كلّ من الروايات الأربع قريبًا، فلا تنس، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٧٤٥٤](٢٩٩٠)، و (البخاريّ) في "الأدب"(٦٠٦٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ٣٢٩) و"شعب الإيمان"(٧/ ١١١)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق"(٥٤/ ٣٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): وجوب سَتر المؤمن على نفسه إذا ابتُلي بشيء من المعاصي والمخالفات، وقد ورد في الأمر بالستر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، رفعه:"اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن أَلَمَّ بشيء منها، فليستتر بسِتر الله … " الحديث، أخرجه الحاكم، وهو في "الموطأ" من مرسل زيد بن أسلم.
٢ - (ومنها): ما قاله ابن بطال رحمه الله: في الجهر بالمعصية استخفاف