جاء منه، لا أنه التزم أحكام الهجرة من الاستيطان بها، والكون فيها ساكنًا بها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا يدلّ على أنَّ الهجرة ما كانت واجبة على كل من أسلم، وقد تقدّم الخلاف في ذلك، وقد بيّن عذره في كونه، لَمْ يلتزم سكنى المدينة، وهو قوله: ما يمنعني من الهجرة إلَّا المسألة؛ أي: الأسئلة التي كان يسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها، وإنما كان ذلك؛ لأنَّ المهاجرين، والقاطنين بالمدينة، كانوا يكلفونه المسائل؛ لأنَّهم ما كانوا يسألون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء، ولذلك قال: كان أحدُنا إذا هاجر لَمْ يسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء، وقد تمّم هذا المعنى أنس بن مالك - رضي الله عنه - حيث قال: نُهينا أن نسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في القرآن عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية، فيسأله، ونحن نسمع، وقد تقدَّم القول في ذلك. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
والحديث من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - وقد مضى شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.