للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جاء منه، لا أنه التزم أحكام الهجرة من الاستيطان بها، والكون فيها ساكنًا بها مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا يدلّ على أنَّ الهجرة ما كانت واجبة على كل من أسلم، وقد تقدّم الخلاف في ذلك، وقد بيّن عذره في كونه، لَمْ يلتزم سكنى المدينة، وهو قوله: ما يمنعني من الهجرة إلَّا المسألة؛ أي: الأسئلة التي كان يسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها، وإنما كان ذلك؛ لأنَّ المهاجرين، والقاطنين بالمدينة، كانوا يكلفونه المسائل؛ لأنَّهم ما كانوا يسألون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء، ولذلك قال: كان أحدُنا إذا هاجر لَمْ يسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء، وقد تمّم هذا المعنى أنس بن مالك - رضي الله عنه - حيث قال: نُهينا أن نسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في القرآن عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية، فيسأله، ونحن نسمع، وقد تقدَّم القول في ذلك. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

والحديث من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - وقد مضى شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٦) - (بَابُ وُجُوبِ صِلَةِ الرَّحِم، وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا)

وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٤٩٧] (٢٥٥٤) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ مُعَاوِيَةَ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ - حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَة، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكَ لَكِ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي


(١) "المفهم" ٦/ ٥٢٢.