للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "الفتح": وكأنّ ذكر الأمّ هنا خرج مخرج الغالب، وإلا فمن كان في معناها ملتحقٌ بها، واعترضه العينيّ كعادته بما لا وجه له، فتفطّن.

وقال أيضًا: فيه أن من قصد في الصلاة الإتيان بشيء مستحبّ لا يجب عليه الوفاء به، خلافًا لأشهب حيث ذهب إلى أن من نوى التطوّع قائمًا ليس له أن يُتمّه جالسًا. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليلٌ على جواز الإسراع في الصلاة، وإن كان قد شرع في تطويلها؛ لأجل حاجة الأم، ولا حجة فيه للشافعيّ على جواز انتظار الإمام مَن سَمِعَ حسّه داخلًا؛ لأن هذه الزيادة عملٌ في الصلاة بخلاف الحديث. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما نسبه إلى الشافعيّ من احتجاجه على ما ذكر بهذا الحديث بعيد، ولم أر من نسبه إليه غيره، والنووي مع كونه من أشدّ الناس اهتمامًا بأقوال الشافعي، لم يتعرّض لهذا، وإنما ذكر الشافعية ذلك في حديث: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر، حتى لا يسمع وَقْعَ قَدَم"، وقد تقدّم أني رجّحت القول بعدم استحباب انتظار الداخل بتطويل الركوع؛ لعدم ثبوت النصّ عليه، ولأنه لم يُنقل عن السلف، فتنبّه، ولا تكن من الغافلين، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٣٩) - (بَابُ اعْتِدَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَتَخْفِيفِهَا فِي تَمَامٍ)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٠٦٢] (٤٧١) - (وَحَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ حَامِدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ


(١) "الفتح" ٢/ ٢٣٧.
(٢) "المفهم" ٢/ ٧٩.