للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٥٢) - (كِتَابُ التَّوْبَةِ)

مسائل تتعلّق بهذه الترجمة:

(المسألة الأولى): في معنى التوبة لغةً وشرعًا:

(اعلم): أن التوبة في اللغة مصدر تاب، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تَابَ من ذنبه يَتُوبُ تَوْبًا، وَتَوْبَةً، وَمَتَابًا: أقلع، وقيل: التَّوْبَةُ هي التَّوْبُ، ولكن الهاء لتأنيث المصدر، وقيل: التَّوْبَةُ واحدة، كالضربة، فهو تَائِبٌ، وتَابَ اللَّهُ عليه: غَفَر له، وأنقذهُ من المعاصي، فهو تَوَّابٌ، مبالغةٌ، واسْتَتَابَهُ: سأله أن يتوب. انتهى (١).

وقال الجوهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التوبة: الرجوع من الذَّنْب. وفي الحديث: "النَدمُ توبَةٌ"، وكذلك التَوْبُ مثله. وقال الأخفش: التَوْبُ جمع توبَةٍ. وتاب إلى اللَّه توبةً ومتابًا. وقد تاب اللَّه عليه: وَفَّقَهُ لها. واستتابَهُ: سأله أن يتوب. انتهى (٢).

وقال الراغب الأصبهانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التوب: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فإن الاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذِر: لَمْ أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، أو فعلت وأسات، وقد أقلعت، ولا رابع لذلك، وهذا الأخير هو التوبة.

والتوبة في الشرع: تَرْك الذَّنْب؛ لِقُبحه، والندم على ما فَرَط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة. وتاب إلى اللَّه، فذكر "إلى اللَّه" يقتضي الإنابة. نحو: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة: ٥٤]، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: ٣١] {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ} [المائدة: ٧٤]، وتاب اللَّه عليه؛ أي: قبل توبته، ومنه: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} [التوبة: ١١٧]،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٧٨.
(٢) "الصحاح في اللغة" ١/ ٦٦.