٣ - (ومنها): بيان صبر سلمة - رضي الله عنه -، وتحمّله ما لقيه من الحجّاج من الجرأة عليه، والازدراء به.
٤ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض - رحمه الله -: أجمعت الأمة على تحريم ترك المهاجر هجرته، ورجوعه إلى وطنه، وعلى أن ارتداد المهاجر أعرابيًّا من الكبائر، قال: ولهذا أشار الحجاج إلى أن أَعْلَمَه سلمة أن خروجه إلى البادية إنما هو بإذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ولعله رجع إلى غير وطنه، أو لأن الغرض في ملازمة المهاجر أرضه التي هاجر إليها، وفُرِض ذلك عليه إنما كان في زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لنصرته، أو ليكون معه، أو لأن ذلك إنما كان قبل فتح مكة، فلما كان الفتح، وأظهر الله الإسلام على الدين كله، وأَذَلّ الكفر، وأعز المسلمين سقط فرض الهجرة، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح"، وقال أيضًا:"مَضَت الهجرة لأهلها"؛ أي: الذين هاجروا من ديارهم، وأموالهم قبل فتح مكة؛ لمواساة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومؤازرته، ونصرة دينه، وضبط شريعته.
قال القاضي عياض: ولم يَختلف العلماء في وجوب الهجرة على أهل مكة، قبل الفتح، واختُلف في غيرهم، فقيل: لم تكن واجبة على غيرهم، بل كانت ندبًا، ذكره أبو عبيد في كتاب الأموال؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الوفود عليه قبل الفتح بالهجرة، وقيل: إنما كانت واجبة على من لم يُسلم كل أهل بلده؛ لئلا يبقى في طلوع أحكام الكفار. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.